الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

السحر بين الصوفية والوهابية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنامحمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد وسلم تسليماً صلاة وسلاماً وبركة تليق بك منك إليك كما هو أهله وأصحابه والتابعين ومن تلا وبعد..



وجدت في مواقع الذي يؤذون أولياء الله آناء الليل وأطراف النهار أقوالاً قبيحة تتهم الصوفية بأنهم سحرة ودجاجلة ويستشهدون على كلامهم بكلام الصوفية ويفسرونها على غير محاملها من باب من يكذب الكذبة ويصدقها! وأنا لا أنفي أن يكون هناك دجاجلة ومشعوذين يتكلمون باسم التصوف والتصوف منهم براء، لكن أن يتهموا الأولياء الكبار بهذا الكلام ويصيروا يشهروا بالصوفية وبمنهج الصوفية كمنهج تربية النفوس على الكتاب والسنة ليعلنوا مذهبهم القائم على تقبيح الدين في أذهان الناس بنشر التجسيم والتعصب والتكفير واللباس المزري البشع فهذا مما دفعني أن أكتب هذا البحث المتواضع جداً وأسأل الله أن يكون فيه النفع على تواضعه وبساطته، ولكي لا يغتر العوام بهؤلاء الوهابية ويصدقونهم على تدليسهم..
يقول الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي رحمة الله عليه في كتابه الفتوحات المكية (1/257):
((وكرامات الأولياء ليست من قبيل السحر فإن لها حقيقة في نفسها وجودية وليست بمعجزة فإنه على علم وعن قوة همة وأما قول عليم لحقيقتك بربك تراها ذهبا فإن الأعيان لا تنقلب وذلك لما رآه قد عظم ذلك الأمر عندما رآه فقال له العلم بك أشرف مما رأيت فاتصف بالعلم فإنه أعظم من كون الإسطوانة كانت ذهبا في نفس الأمر فاعلمه أن الأعيان لا تنقلب وهو صحيح في نفس الأمر أي أن الحجرية لم ترجع ذهبا فإن حقيقة الحجرية قبلها هذا الجوهر كما قبل الجسم الحرارة فقيل فيه أنه حار فإذا أراد الله أن يكسو هذا الجوهر صورة الذهب خلع عنه صورة الحجر وكساه صورة الذهب فظهر الجوهر أو الجسم الذي كان حجرا ذهبا كما خلع عن الجسم الحار الحرارة
وكساه البرد فصار باردا فما ذهبا ولا الذهب عاد حجرا كما أن الجوهر الهيولاني قبل صورة الماء فقيل هو ماء بلا شك فإذا جعلته في القدر وأغليتها على النار إلى أن يصعد بخار افتعلم قطعا أن صورة الماء زالت عنه وقبل صورة البخار فصار يطلب الصعود لعنصره الأعظم كما كان إذ قامت به صورة الماء يطلب عنصره الأعظم فيأخذ سفلا فهذا معنى قول عليم في هذا المنزل المختص بالأولياء والهمة المجاورة لعلم المعجزة إن الأعيان لا تنقلب وقوله لحقيقتك بربك أي إذا اطلعت إلى حقيقتك وجدت نفسك عبدا محضا عاجزا ميتا ضعيفا عدما لا وجود لك كمثل هذا الجوهر ما لم يلبس الصور لم يظهر له عين في الوجود فهذا العبد يلبس صور الأسماء الإلهية فتظهر بها عينه فأول اسم يلبسه الوجود فيظهر موجودا لنفسه حتى يقبل جميع ما يمكن أن يقبله الموجود من حيث ما هو موجود فيقبل جميع ما يخلع عليه الحق من الأسماء الإلهية فيتصف عند ذلك بالحي والقادر والعليم والمريد والسميع والبصير والمتكلم والشكور والرحيم والخالق والمصور وجميع الأسماء كما اتصف هذا الجسم بالحجر والذهب والفضة والنحاس والماء والهواء ولم تزل حقيقة الجسمية عن كل واحد مع وجود هذه الصفات كذلك لا يزول عن الإنسان حقيقة كونه عبدا إنسانا مع وجود هذه نالسماء الإلهية فيه فهذا معنى قوله لحقيقتك بربك أي لإرتباط حقيقتك بربك فلا تخلو عن صورة إلهية تظهر فيها كذلك هذا الجسم لا يخلو عن صورة يظهر فيها وكما تتنوع أنت بصور الأسماء الإلهية فينطلق عليك بحسب كل صورة اسم غير الاسم الآخر كذلك ينطلق على هذا الجوهر اسم الحجرية والذهبية للوصف لا لعينه فقد تبينت فيما ذكرناه الثلاثة الأقسام في خرق العوائد وهي المعجزات والكرامات والسحر وما ثم خرق عادة أكثر من هذا ولست أعني بالكرامات إلا ما ظهر عن قوة الهمة إلا أني أريد بهذا الإصطلاح في هذا الموضع التقريب الإلهي لهذا الشخص فإنه قد يكون ذلك استدراجا ومكرا ..)).

ويقول أيضاً: ((فمن لقي الله تبارك وتعالى شاهداً له بالإخلاص مقراً بنبيه صلى الله عليه وسلم بريئاً من الشرك ومن السحر وبريئاً من إهراق دماء المسلمين ناصحاً لله ولرسوله محباً لمن أطاع الله ورسوله مبغضاً لمن عصى الله ورسوله استظل تحت ظل عرش الرحمن ونجا من غمه ومن حاد عن ذلك ووقع في شيء من هذه الذنوب بكلمة واحدة أو تغير قلبه أو شك في شيء من دينه بقي ألف سنة في الحر والهم والعذاب حتى يقضي الله فيه بما يشاء ثم يساق الخلق إلى النور والظلمة فيقيمون في تلك الظلمة ألف عام )) الفتوحات المكية (1/358).

ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي رحمه الله: ((السحر بالإطلاق صفة مذمومة وحظ الأولياء منها ما أطلعهم الله عليه من علم الحروف وهو علم الأولياء فيتعلمون ما أودع الله في الحروف والأسماء من الخواص العجيبة التي تنفعل عنها الأشياء لهم في عالم الحقيقة والخيال فهو وان كان مذموماً بالإطلاق فهو محمود بالتقييد وهو من باب الكرامات وهو عين السحر عند العلماء فقد كانت سحرة موسى مازال عنهم علم السحر مع كونهم آمنوا برب موسى وهرون ودخلوا في دين الله وآثروا الآخرة على الدنيا ورضوا بعذاب الله على يد فرعون مع كونهم يعلمون السحر ويسمى عندنا علم السيمياء مشتق من السمة وهي العلامة أي علم العلامات التي نصبت على ما تعطيه من الانفعالات من جمع حروف وتركيب أسماء وكلمات فمن الناس من يعطي ذلك كله في بسم الله وحده فيقوم له ذلك مقام جميع الاسماء كلها وتنزل من هذا العبد منزلة كن وهي آية من فاتحة الكتاب ومن هنا تفعل لا من بسملة سائر السور وما عند أكثر الناس من ذلك خبر والبسملة التي تنفعل عنها الكائنات على الإطلاق هي بسملة الفاتحة وأما بسملة سائر السور فهي لأمور خاصة وقد لقينا فاطمة بنت مثنى وكانت من أكابر الصالحين تتصرف في العالم ويظهر عنها من خرق العوائد بفاتحة الكتاب خاصة كل شئ رأيت ذلك منها وكانت تتخيل ان تلك يعرفه كل أحد وكانت تقول لي العجب ممن يعتاص عليه شئ وعنده فاتحة الكتاب لأي شئ لا يقرؤها فيكون له ما يريد ما هذا إلا حرمان )) [الفتوحات المكية (3/214)].
وقد فهم الوهابية هذه العبارة أن الشيخ محي الدين يقول بجواز السحر مطلقاً، وهو لم يقصد هذا الكلام، فهو يقول أن مجرد معرفة هذا العلم على التقييد يعني بشكل جزئي ليس حراماً، والشيخ ابن عربي كان مجتهداً في فروع الفقه واستنباط الأحكام الفقهية لديه أمر يسير عليه لتبحره في العلوم، وإنما قال الشيخ الأكبر أنه كما كان يعرفه سحرة موسى السحر بعدما آمنوا بالله فهذا لا يضرهم ، فما كان من هذا العلم وطبائع الحروف وتركيبها نفعاً فهو مباح وأما ما كان للإضرار فهو من الكبائر.
ويقول أيضاً في أحد وصاياه: ((وأكثِرْ من أكل الزيت والأدهان به وإذا اشتريت طعاماً فاكتله واجتنب السبع الموبقات وهي الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) [الفتوحات المكية (7/265)].

فأين قال الصوفية أن السحر حلال؟؟ ما قالوا إلا أنه حرام..
جاء في تفسير ابن عربي في تفسير سورة البقرة الآية: 102 في قوله تعالى: واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان.. الآية، قال الشيخ ابن عربي رحمه الله: (({ واتبعوا } أي: اتبع اليهود والقوى الروحانية { ما تتلوا } شياطين الإنس الذين هم المتمرّدة العصاة الأشرار، الأقوياء، وشياطين الجنّ وهم الأوهام والخيالات والمتخيلات المحجوبة عن نور الروح، العاصية لأمر العقل المتمرّدة عن طاعة القلب { على } عهد { ملك سليمان } النبيّ أو سليمان الروح من كتب السحر وعلومه، يزعمون أنه علم سليمان وبه استولى على الملك وسخّر ما سخّر من الجنّ والإنس والطير وعلم الحيل والشعبذة والموهومات والمتخيلات والسفسطة. { وما كفر سليمان } بإسناد التأثير إلى غير الله، إذ السحر كفر واحتجاب عن مؤثرية الله، بإسناد التأثير إلى غيره { ولكنّ الشياطين كفروا } احتجبوا ولم يعلموا أن لا مؤثر إلا الله { يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين } أي: العقل النظري والعمليّ المائلين إلى النفس المنكوسين من بئر الطبيعة لتوجههما إليها باستجذاب النفس إياهما إليها { ببابل } الصدر المعذبين بضيق المكان بين أبخرة المودّ وأدخنة نيران الشهوات من العلوم والأعمال من باب الحيل والنيرنجات والطلسمات على التأويلين { وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة } امتحان وبلاء من الله لقوّة النورية وبقية الملكوتية فيهما، فينبهان على حالهما بالنور العقليّ { فلا تكفر } باستعمال هذا العلم في المفاسد والمناهي وإسناد التأثير إليه { فيتعلمون منهما ما يفرّقون به بين } القلب والنفس، وبين الروح والنفس، وتكدير القلب { وما هم بضارّين به من أحد إلا بإذن الله } أي: إلا إذا أراد الله أن يضرّه عند ذلك الفعل، فيفعل ما يريد ويكون زيادة ابتلاء للساحر وإمهالاً له في كفره واحتجابه لرؤيته ذلك من تأثير سحره. { ويتعلمون ما يضرّهم } بزيادة الاحتجاب وشدّة الميل والهوى { ولا ينفعهم } في رفع الحجاب برؤيتهم ذلك ابتلاء من الله واستعاذاتهم بالله ليقيهم من شرّه. { ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق } أي: نصيب، لإقباله على النفس والهوى بالكلية واستعمال ذلك في اكتساب حطام الدنيا وتمتعاتها) اهـ
فلاحظ كيف قال الشيخ ابن عربي: إذ السحر كفر...

وقال الشيخ عبد الوهاب الشعراني رحمه الله وقدس الله سره في كتابه العهود المحمدية: ((قال الحافظ عبدالعظيم رحمه الله: وناسخ العلم النافع له أجره وأجر من قرأه أو نسخه أو عمل به من بعده ما بقي خطه والعمل به لحديث مسلم مرفوعا: [[إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أو علم ينتفع به]]. الحديث
قال: وأما ناسخ غير العلم النافع مما يوجب الإثم عليه فعليه وزره ووزر من قرأه أو نسخه أو عمل به من بعده ما بقي خطه والعمل به كما يشهد له الحديث: [[ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها]]
وذلك كعلوم السحر والبراهمة وعلم جابر المبدل ونحوها مما يضر صاحبه في الدنيا والآخرة
وروى الطبراني وغيره مرفوعا: [[من صلى علي في كتاب لم تزل الملائكة تستغفر له ما دام اسمي في ذلك الكتاب]]. والله أعلم
وقال أيضاً في موضع آخر من كتاب العهود المحمدية: ((فمن لقي الله تعالى شاهدا له بالإخلاص مقرا بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بريئا من الشرك ومن السحر ومن إهراق دماء المسلمين ناصحا لله ولرسوله محبا لمن أطاع الله ورسوله مبغضا لمن عصى الله ورسوله استظل تحت ظل عرش الرحمن ونجا من غمه ومن حاد عن ذلك ووقع في شيء من هذه الذنوب ولو بكلمة واحدة أو تغير قلبه وشك في شيء من دينه بقي في الحشر والعذاب والهم ألف سنة حتى يقضي الله تعالى فيه بما يشاء ..)) اهـ

وقال سيدي ابن عجيبة الحسني في كتابه البحر المديد في تفسير القرآن المجيد في تفسير آية 102 من سورة البقرة:
(({ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ } باستعمال السحر؛ لأنه تعظيم غير الله بالتقرب للشيطان، والنبيّ معصوم { وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ } هم الذين { كَفَرُوا } باستعماله{ يُعلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ } إغواء وإضلالاً، ويعلمون { مَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَينِ } في بلد بابل من سواد الكوفة، وهما { هَارُوتَ وَمَارُوتَ })) . اهـ

ويقول الإمام حجة الإسلام الغزالي رحمه الله في كتابه إحياء علوم الدين: ((واما المذموم فعلم السحر والطلسمات وعلم الشعبذة والتلبيسات‏)).

وقال أيضاً (اي الإمام الغزالي) رحمه الله في نفس الكتاب: (( بيان علة ذم العلم المذموم لعلك تقول‏:‏ العلم هو معرفة الشيء على ما هو به وهو من صفات الله تعالى فكيف يكون الشيء علماً ويكون مع كونه علماً مذموماً فاعلم ان العلم لا يذم لعينهوانما يذم في حق العباد لاحد اسباب ثلاثة الاول ان يكون مؤدياً الى ضرر ما اما لصاحبه او لغيره كما يذم علم السحر والطلسمات وهو حق اذ شهد القران له وانه سبب يتوصل به الى التفرقة بين الزوجين وقد سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومرض بسببه حتى اخبره جبريل عليه السلام بذلك واخرج السحر من تحت حجر في قعر بئر وهو نوع يستفاد من العلم بخواص الجواهر وبامور حسابية في مطالع النجوم فيتخذ من تلك الجواهر هيكل على صورة الشخص المسحور ويرصد به وقت مخصوص من المطالع وتقرن به كلمات يتلفظ بها من الكفر والفحش المخالف للشرع ويتوصل بسببها الى الاستعانة بالشياطين ويحصل من مجموع ذلك بحكم اجراء الله تعالى العادة احوال غريبة في الشخص المسحور ومعرفة هذه الاسباب من حيث انها معرفة ليست بمذمومة ولكنها ليست تصلح الا للاضرار بالخلق والوسيلة الى الشر شر فكان ذلك هو السبب في كونه علماً مذموماً )) اهـ .

وقال سيدي أبو طالب المكي فيما ينقله عنه الإمام الغزالي في الإحياء: ((وقال ابو طالب المكي‏:‏ الكبائر سبع عشر جمعها من جملة الاخبار وجملة ما اجتمع من قول ابن عباس وابن مسعود وابن عمر وغيرهم‏:‏ اربعة في القلب وهي الشرك بالله والاصرار على معصيته والقنوط من رحمته والامن من مكره‏.‏
واربع في اللسان وهي‏:‏ شهادة الزور وقذف المحصن ويمين الغموس - وهي التي يحق بها باطلاً او يبطل بها حقاً وقيل هي التي يقتطع بها مال امرئ مسلم باطلاً ولو سواكاً من اراك - وسميت غموساً لانها تغمس صاحبها في النار‏.‏
والسحر‏:‏ وهو كل كلام يغير الانسان وسائر الاجسام عن موضوعات الخلقة‏... إلى آخره)).
فانظر كيف عد السحر من الكبائر ونقل ذلك عن الإمام أبو طالب المكي الصوفي ذلك التحريم..
وانظروا إلى كلام أئمتهم ماذا يقولون، فهم الذين قالوا أن السحر حلال اقرؤوا كلامهم الذي اخرجته من كتاب ((الصارم المشهور على من أنكر حل السحر بسحر عن المسحور)) لشيخهم عبد المحسن بن ناصر آل عبيكان فقد نقل عن أئمته كابن القيم وابن عثميمين والدوسري واستدل على كلامهم بالجواز من كلام المفسر ابن كثير والقرطبي والحافظ ابن حجر العسقلاني وكلام أئمة المذاهب الأربعة ...

قال الشيخ محمد العثيمين – رحمه الله – في كتاب : ( شرح العقيدة السفارينية ص: ٣٨٧ ط :دار البصير في مصر ) تحت عنوان : (الأسئلة) :
" السؤال : إذا كان الساحر يستعمل دواء لكي يضعف الرجل حتى لا يجامع زوجته هل يجوز نعطيه المال لكي يفك هذا السحر ؟
الجواب : على كل حال إذا علمنا فلا بأس ،لا بأس أن ينقض السحر ؛ لأن هذا نقض لا بأس نعطيه المال ؛ لأنه لن يطيع إلاّ بالمال ويخشى عليه أنكم إذا علمتم به سحركم أيضاً ؛ فك السحر عن ذاك ووضعه عليكم " اهـ

---------------------------
وجاء في شرحه للبلوغ في كتاب الحدود الشريط العاشر قال –رحمه الله – إن الله تعالى بين
سبب التحريم فقال ((وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ما لا ينفعهم )) فإذا كان في هذا السحر منفعة لا مضرة انتفى التحريم ولهذا أجازه ابن المسيب –رحمه الله [هذا كلام الشيخ العبيكان]
– وأجازة بعض العلماء وممن أجازة من المعاصرين الشيخ عبد الرحمن الدوسري – رحمه الله –في تفسيره قال هذا مصلحة واضحة لكننا لا نفتي بذلك فتوى عامة نخشى من غوائل هذه الفتوى والفقهاء نصوا على جواز ذلك قالوا يجوز حل السحر
بسحر للضرورة . اهـ

---------------------
قال المرداوي في الإنصاف ( ج / ١٠ ص/ ٣٥٢ ) قال في المغني : توقف الإمام أحمد رحمه الله في الحل . وهو إلى الجواز أميل . وسأله مهنا عمن تأتيه مسحورة فيطلقه عنها ؟ قال : لا بأس .
قال الخلال : إنما كره فعاله . ولا يرى به بأسا ، كما بينه مهنا . وهذا من الضرورة التي تبيح فعلها .
--------------------------------

وقال في الرعايتين ، والحاوي : ويحرم العطف والربط ، وكذا الحل بسحر .
وقيل : يكره الحل ، وقيل يباح بكلام مباح " اهـ .
قال في الروض المربع بحاشية الشيخ عبد الرحمن ابن قاسم ( ج: ٧
الشيخ عبد الرحمن في الحاشية :٤١٤ ) : ( ويجوز الحل بسحر ضرورة ) . " أي لأجل ضرورة وتوقف أحمد ، وعن الحسن لا يحل السحر إلا ساحر. اهـ

-----------------------

وفرق القرافي بين من يتعلم السحر بمجرد معرفته لما يصنع السحرة كان يقرأه في كتاب وبين أن يباشر فعل السحر ليتعلمه فلا يكفر بالنوع الأول ويكفر بالثاني حيث كان الفعل مكفراً " ٣١ والفروق للقرافي / ٤٠٨ وابن عابدين ١ / فتح القدير ٤
. ١٦٥ ،١٥٩، ١٥٣ الفروق ٢٤٢ -١٥٢/٤
وقال الشافعية : تعليمه حرام إلا إن كان لتحصيل نفع أو لدفع ضرر أو للوقوف على حقيقته " القليوبي على شرح المنهاج ٢٦٥- ١٦٩ الموسوعة الفقهية ج ٢٤ ص ٢٦٤ /٤

-----------------------------
وقد أخرج أبو داود في المراسيل عن الحسن يرفعه: " النشرة من عمل الشيطان " ووصله أحمد وأبو داود بسند حسن عن جابر ، قال ابن الجوزي : النشرة حل السحر عن المسحور ، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر ، وقد سئل أحمد عمن يطلق السحر عن المسحور فقال : " لا بأس به ، وهذا هو المعتمد .. " قال الحافظ : ويجاب عن الحديث والأثر بأن قوله :" النشرة من عمل الشيطان " إشارة إلى أصلها ، ويختلف الحكم بالقصد ؛ فمن قصد أنها خيرا كان خيرا وإلا فهو شر ؛ ثم قال الحافظ ابن حجر : " ويوافق قول سعيد بن المسيب ما تقدم " باب الرقية " في حديث جابر عند مسلم مرفوعا :" من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل " ؛ ثم قال الحافظ : وممن صرح بجواز النشرة المزني صاحب الشافعي وأبو جعفر الطبري وغيرهما ، وذكر الحافظ كلام ابن القيم ومنه قوله : فلما أوحى إليه أنه سحر عدل إلى العلاج المناسب له وهو استخراجه ، انتهى ( انظر (٢٣٤- فتح الباري المجلد العاشر كتاب الطب ص : ٢٣٣) .
عدل إلى العلاج المناسب، فابن القيم هنا يقرر أنه للسحر وهو استخراجه ولم يقل إن العلاج المناسب له هو الرقية (هذا كلام العبيكان].

-------------------------

وقال القرطبي – رحمه الله – في تفسيره 2/279:
" واختلفوا هل يسأل الساحر حل السحر عن المسحور ؟ فأجازه سعيد بن المسيب على ما ذكره البخاري وإليه مال المزني وكرهه الحسن البصري " وقال أيضاً: (ج ٢:٢٨١)
" وقال الشعبي لا بأس بالنشرة " .

-------------------------

وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوحيد : باب ( ما جاء في النشرة ) :
عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن النشرة ؟ فقال هي من عمل الشيطان رواه أحمد بسند جيد ، داود وقال : سئل أحمد عنها فقال : ابن مسعود يكره هذا كله . وفي البخاري عن قتادة : قلت لابن المسيب : رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته ، أيحل عنه أو ينشر ؟ قال : لا بأس به ، إنما يريدون به الإصلاح فأما ما ينفع فلم ينه عنه . اهـ
ويروى عن الحسن أنه قال : " لا يحل السحر إلا ساحر".
-----------------------

قال ابن القيم : النشرة حل السحر عن المسحور ، وهي نوعان أحدهما : حل بسحر مثله ، وهو الذي من عمل الشيطان وعليه يحمل قول الحسن ، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب ، فيبطل عمله عن المسحور والثاني : النشرة بالرقية والتعوذات والأدوية والدعوات المباحة ، فهذا جائز ، وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب : " فيه – أي الباب – مسائل :
الأولى : النهي عن النشرة .
الثانية : التفريق بين المنهي عنه والمرخص فيه عما يزيل الإشكال ". اه ( راجع كتاب التوحيد باب ما جاء في النشرة ).

---------------------
وروى مالك في الموطأ عن عائشة أنها أعتقت جارية لها
على دبر منها ، ثم إن عائشة مرضت بعد ذلك ما شاء الله ؛
فدخل عليها سندي فقال : إنك مطبوبة ؛ فقالت: من طبني ؛
فقال امرأة من نعتها كذا وكذا ، وفي حجرها صبي قد بال ؛
فقالت عائشة : ادع لي فلانة لجارية لها تخدمها ، فوجدوها في بيت جيران لها في حجرها صبي قد بال ؛ فقالت : حتى أغسل بول الصبي ؛ فغسلته ثم جاءت فقالت لها عائشة : سحرتني ؟ قالت : نعم ؛ فقالت: لم ؟ قالت : أحببت العتق ؛ فقالت عائشة : أحببت العتق ؛ فوالله لا تعتقن أبدا ؛ فأمرت عائشة ابن أخيها أن يبيعها من الأعراب ممن يسيء ملكتها ، ثم قالت : ابتع لي بثمنها رقبة حتى اعتقها ففعلت .قالت عمرة : فلبثت عائشة ما شاء الله عز وجل من الزمان ثم إنها رأت في النوم أن اغتسلي من ثلاث آبار يمر بعضها في بعض فإنك تشفين ، قالت عمرة : فدخل على عائشة إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الرحمن ابن سعد بن زرارة فذكرت لهما الذي رأت فانطلقا إلى قباء فوجدا آبارا ثلاثا يمد بعضها بعضا فاستقوا من كل بئر منها ثلاث شخب حتى ملئ الشخب من جميعهن ثم أتوا به عائشة فاغتسلت. به فشفيت .( الاستذكار ج ٢٥/٢٣٨).

فعائشة - رضي الله عنها - سألت السندي عن حالها ، ولم تنكر فعله، إذن فهي ترى جواز سؤال الساحر وعدم قتله كما هو رأي ابن عبد البر. ولم تقتصر على الرقية، ولم تشف حتى دلت على ماء الآبار الثلاثة عن طريق رؤيا في المنام فشربت منها فشفيت.

------------------------

وقال الموفق ابن قدامة – رحمه الله - :" .. وأما من يحل السحر ؛ فإن كان بشيء من القرآن أو شيء من الذكر والأقسام والكلام الذي لا بأس به فلا بأس به ، وإن كان بشيء من السحر فقد توقف أحمد عنه .
قال الأثرم : سمعت أبا عبد الله سئل عن رجل يزعم أنه يحل السحر ؛ فقال : قد رخص فيه بعض الناس . قيل لأبي عبد الله : إنه يجعل في الطنجير ماء ويغيب فيه ويعمل كذا . فنفض يده كالمنكر . وقال : لا أدري ما هذا ؟ قيل له : فترى أن يؤتى مثل هذا يحل السحر فقال ما أدري ما هذا ؟ .

-------------------------
وروي عن محمد بن سيرين ، أنه سئل عن امرأة يعذبها السحرة ، فقال رجل أخط خطًا عليها وأغرز السكين عند مجمع الخط وأقرأ القرآن ، فقال محمد : ما أعلم بقراءة القرآن بأساً على حال ، ولا أدري ما الخط والسكين ؟ وروي عن سعيد بن المسيب في الرجل يؤخذ عن امرأته فيلتمس من يداويه فقال: إنما نهى الله عما يضر ولم ينه عما ينفع . وقال أيضا : إن استطعت أن تنفع أخاك فافعل "اهـ.
انظر المغني ج/ ١٢ ص: ( ٣٠٥ – ٣٠٤).

--------------------

قال ابن مفلح في (الفروع في الجزء العاشر ط: مؤسسة الرسالة ص: ٢٠٧
٢٠٩ ) :"
..وتوقف الإمام أحمد في الحل - بسحر وفيه وجهان وسأله مهنا عمن تأتيه مسحورة فيطلقه عنها..
قال :لا بأس ، قال الخلال إنما كره فعاله ولا يرى به بأسا كما بينه مهنا ، وهذا من الضرورة التي تبيح فعلها ، قال المرداوي في تصحيحه : قال في آداب المستوعب : وحل السحر عن المسحور جائز والوجه الثاني لا يجوز ". اهـ

----------------------------
وأخيراً نقرأ كلام الإمام ابن كثير في تفسير القرآن العظيم (ج/ ١ ص/ ٥٤٧ط.وزارة الشئون الإسلامية) :
" وقد ذكر الوزير أبو المظفر يحيى بن محمد ابن هبيرة رحمه الله في كتابه الإشراف على مذاهب الأشراف ) باباً في السحر فقال:
أجمعوا على أن السحر له حقيقة إلا أبا حنيفة فإنه قال : لا حقيقة له عنده . واختلفوا فيمن يتعلم السحر ويستعمله ، فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد يكفر بذلك ومن أصحاب أبي حنيفة من قال:
إن تعلمه ليتقيه أو ليجتنبه فلا يكفر ومن تعلمه معتقدا جوازه أو أنه ينفعه كفر ، وكذا من اعتقد أن الشياطين تفعل له ما يشاء فهو كافر .
وقال الشافعي رحمه الله إذا تعلم السحر قلنا له صف لنا سحرك فإن وصف ما يوجب الكفر مثل ما اعتقده أهل بابل من التقرب إلى الكواكب السبعة وأنها تفعل ما يلتمس منها فهو كافر ، وإن كان لا يوجب الكفر فإن اعتقد إباحته فهو كافر ..
قال ابن هبيرة : وهل يقتل بمجرد فعله واستعماله ؟ فقال مالك وأحمد نعم ، وقال الشافعي وأبو حنيفة لا ؛ فأما إن قتل بسحره إنساناً فإنه يقتل عند مالك والشافعي وأحمد ، وقال أبو حنيفة : لا يقتل حتى يتكرر منه ذلك أو يقر بذلك في حق شخص معين ، وإذا قتل فإنه يقتل حداً عندهم إلا الشافعي فإنه قال : يقتل والحالة هذه قصاص ".اهـ
------------------

يقول الإمام شيخ الإسلام أحمد بن حجر الهيتمي المكي الشافعي مذهبا الصوفي الأحمدي البدوي طريقة ومشرباً في كتابه " الفتاوى الحديثية " ( صـ / 69 (- :
( مطلب : هل كتابة الأسماء التي لا يعرف معناها والتوسل بها مكروه أو حرام (
" 32 – وسئل رضي الله عنه : عن كتابة الأسماء التي لا يعرف معناها والتوسل بها هل ذلك مكروه أو حرام ؟ وهل هو مكروه في الكتابة والتوسل بتلك الأسماء التى لا يعرف معناها أو حرام في التوسل دون الكتابة ؟ فقد نقل عن الغزالي أنه لانحل لشخص أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه , وهل فرق في ذلك بين ما يوجد في كتب الصالحين كعبد الله بن أسعد اليافعى وغيره أم لا ؟
فأجاب بقوله : الذي أفتى به العز بن عبد السلام كما ذكرته عنه في " شرح العباب " : أن كتب الحروف المجهولة للأمراض لا يجوز الاسترقاء بها , ولا الرقى بها لأنه صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الرقى قال : " اعرضوا على رقاكم فعرضوها فقال : لا بأس " وإنما لم يأمر بذلك لأن من الرقى ما يكون كفرا وإذا حرم كتبها حرم التوسل بها , نعم إن وجدناها في كتاب من يوثق به علما ودينا فإن أمر بكتابتها أو قراءتها احتمل القول بالجواز حينئذ لأن أمره بذلك الظاهر أنه لم يصدر منه إلا بعد إحاطته واطلاعه على معناها وأنه لا محذور في ذلك " أهـ مختصراً

أخيراً إخواني: نترككم بالمقارنة من تلقاء أنفسكم .






 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق