الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

كلام السبكي في الطبقات عن الجرح بسبب العقيدة

كلام للسبكى فى الطبقات عن الجرح بسبب العقيدة
تكم فيه عن البخارى وابن حبان وأطال الكلام عن الذهبى

[ومما ينبغى أن يتفقد عند الجرح حال العقائد واختلافها بالنسبة إلى الجارح والمجروح فربما خالف الجارح المجروح فى العقيدة فجرحه لذلك وإليه أشار الرافعى بقوله وينبغى أن يكون المزكون برآء من الشحناء والعصبية فى المذهب خوفا من أن يحملهم ذلك على جرح عدل أو تزكية فاسق وقد وقع هذا لكثير من الأئمة جرحوا بناء على معتقدهم وهم المخطئون والمجروح مصيب وقد أشار شيخ الإسلام سيد المتأخرين تقى الدين ابن دقيق العيد فى كتابه الاقتراح إلى هذا وقال[ أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقف على شفيرها طائفتان من الناس المحدثون والحكام]
قلت ومن أمثلة ما قدمنا قول بعضهم فى البخارى تركه أبو زرعة وأبو حاتم من أجل مسألة اللفظ فيالله والمسلمين أيجوز لأحد أن يقول البخارى متروك وهو حامل
لواء الصناعة ومقدم أهل السنة والجماعة؟ ثم يالله والمسلمين أتجعل ممادحه مذام ؟فإن الحق فى مسألة اللفظ معه إذ لا يستريب عاقل من المخلوقين فى أن تلفظه من أفعاله الحادثة التى هى مخلوقة لله تعالى وإنما أنكرها الإمام أحمد رضى الله عنه لبشاعة لفظها
ومن ذلك قول بعض المجسمة[ وهو أبو اسماعيل عبد الله بن محمد الهروى ] فى أبى حاتم ابن حبان[ لم يكن له كبير دين نحن أخرجناه من سجستان لأنه أنكر الحد لله] فياليت شعرى من أحق بالإخراج من يجعل ربه محدودا أو من ينزهه عن الجسمية

[وهذا شيخنا الذهبى رحمه الله من هذا القبيل له علم وديانة وعنده على أهل السنة تحمل مفرط فلا يجوز أن يعتمد عليه
ونقلت من خط الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدى العلائى رحمه الله ما نصه: الشيخ الحافظ شمس الدين الذهبى لا أشك فى دينه وورعه وتحريه فيما يقوله الناس ولكنه غلب عليه مذهب الإثبات ومنافرة التأويل والغفلة عن التنزيه حتى أثر ذلك في طبعه انحرافا شديدا عن أهل التنزيه وميلا قويا إلى أهل الإثبات فإذا ترجم واحدا منهم يطنب فى وصفه بجميع ما قيل فيه من المحاسن ويبالغ فى وصفه ويتغافل عن غلطاته ويتأول له ما أمكن وإذا ذكر أحدا من الطرف الآخر كإمام الحرمين والغزالى ونحوهما لا يبالغ فى وصفه ويكثر من قول من طعن فيه ويعيد ذلك ويبديه ويعتقده دينا وهو لا يشعر ويعرض عن محاسنهم الطافحة فلا يستوعبها وإذا ظفر لأحد منهم بغلطة ذكرها وكذلك فعله فى أهل عصرنا إذا لم يقدر على أحد منهم بتصريح يقول فى ترجمته والله يصلحه ونحو ذلك وسببه المخالفة في العقائد
انتهى
والحال فى حق شيخنا الذهبى أزيد مما وصف وهو شيخنا ومعلمنا غير أن الحق أحق أن يتبع وقد وصل من التعصب المفرط إلى حد يسخر منه
وأنا أخشى عليه يوم القيامة من غالب علماء المسلمين وأئمتهم الذين حملوا لنا الشريعة النبوية فإن غالبهم أشاعرة وهو إذا وقع بأشعرى لا يبقى ولا يذر
والذى أعتقده أنهم خصماؤه يوم القيامة عند
من لعل أدناهم عنده أوجه منه فالله المسئول أن يخفف عنه وأن يلهمهم العفو عنه وأن يشفعهم فيه
والذى أدركنا عليه المشايخ النهى عن النظر فى كلامه وعدم اعتبار قوله ولم يكن يستجرى أن يظهر كتبه التاريخية إلا لمن يغلب على ظنه أنه لا ينقل عنه ما يعاب عليه وأما قول العلائى رحمه الله دينه وورعه وتحريه فيما يقوله فقد كنت أعتقد ذلك وأقول عند هذه الأشياء إنه ربما اعتقدها دينا ومنها أمور أقطع بأنه يعرف بأنها كذب وأقطع بأنه لا يختلقها وأقطع بأنه يحب وضعها في كتبه لتنتشر وأقطع بأنه يحب أن يعتقد سامعها صحتها بغضا للمتحدث فيه وتنفيرا للناس عنه مع قلة معرفته بمدلولات الألفاظ ومع اعتقاده أن هذا مما يوجب نصر العقيدة التى يعتقدها هو حقا ومع عدم ممارسته لعلوم الشريعة غير أنى لما أكثرت بعد موته النظر فى كلامه عند الاحتياج إلى النظر فيه توقفت فى تحريه فيما يقوله ولا أزيد على هذا غير الإحالة على كلامه فلينظر كلامه من شاء ثم يبصر هل الرجل متحر عند غضبه أو غير متحر وأعنى بغضبه وقت ترجمته لواحد من علماء المذاهب الثلاثة المشهورين من الحنفية والمالكية والشافعية فإنى أعتقد أن الرجل كان إذا مد القلم لترجمة أحدهم غضب غضبا مفرطا ثم قرطم الكلام ومزقه وفعل من التعصب مالا يخفى على ذى بصيرة ثم هو مع ذلك غير خبير بمدلولات الألفاظ كما ينبغى فربما ذكر لفظة من الذم لو عقل معناها لما نطق بها ودائما أتعجب من ذكره الإمام فخر الدين الرازى في كتاب الميزان فى الضعفاء وكذلك السيف الآمدى وأقول يالله العجب هذان لا رواية لهما ولا جرحهما أحد ولا سمع من أحد أنه ضعفهما فيما ينقلانه من علومهما فأى مدخل لهما فى هذا الكتاب ثم إنا لم نسمع أحدا يسمى الإمام فخر الدين بالفخر بل إما الإمام وإما ابن الخطيب وإذا ترجم كان فى المحمدين فجعله فى حرف الفاء وسماه الفخر ثم حلف فى آخر الكتاب
أنه لم يتعمد فيه هوى نفسه فأى هوى نفس أعظم من هذا فإما أن يكون ورّى فى يمينه أو استثنى غير الرواة فيقال له فلم ذكرت غيرهم وإما أن يكون اعتقد أن هذا ليس هوى نفس وإذا وصل إلى هذا الحد والعياذ بالله فهو مطبوع على قلبه ]
والسؤال : هل يؤخذ بعد هذا الكلام بأقوال ابن تيمية وتلاميذه فى الأشاعرة ؟
أقول هذا الكلام لمن وجد فى نفسه شيئا من الانصاف والعدل ,
وأقول هذا الكلام لأن الموضوع ليس ترفا عقليا , أو مباراة أدبية فى الشعر والنثر , وانما الموضوع دين وعقيدة , فليس من الدين أن تجلس متكئا شبعانا ثم تقول بمنتهى البساطة [ الأشاعرة ضالون مضلون ] كما لقنوك , وأنت لاتدرى أين تذهب بك هذه الكلمة , وأين تهوى بك , وهم يقولون لك هذا الكلام وهم مطمئنون أنك على آثارهم مقتدى , لأنهم وضعوا لك قائمة بالكتب الضالة والعلماء الضالين الذين يجب أن تحذرهم , فكيف تحكم وأنت لم تقرأ ولم تسمع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق