الأحد، 31 أكتوبر 2010

سوء أدب ابن تيمية مع الأنبياء

سوء أدب ابن تيمية مع الأنبياء

أردت أن أفرد هذه المشاركة بموضوع مستقل للفت النظر اليها وطلب الرد عليها :

بعد أن أنكر ابن تيمية المجاز , وحمل كل ألفاظ اللغة على الظاهر السطحى المباشر , وترتب على هذا نسبة أفعال البشر وصفات البشر لله تعالى , فنسب الى الله تعالى ما لا يليق , اتجه الى الأنبياء والمرسلين , فماذا فعل معهم بهذا الأسلوب السطحى ؟

قرأت هذا الكلام فى آخر كتاب –أساس التقديس للفخر الرازى , وهو كلام لمحقق الكتاب الدكتور –أحمد حجازى السقا –فى فصل بعنوان –قضية هذا الكتاب –وذكر ردود العلماء على ابن تيمية فى انكاره للمجاز فى اللغة والقرآن الكريم , وحمله كل ألفاظ الصفات على الظاهر والحقيقة , التى تؤدى حتما الى التجسيم مهما ادعى غير ذلك بأسلوب ملتوى :
يقول الدكتور أحمد حجازى السقا
[رابعا
إن أخذ ابن تيمية بظاهر اللفظ ، يوقعه في سوء الأدب مع الأنبياء – عليهم السلام – فقد قال – على سبيل المثال – في قوله تعالى عن شعيب عليه السلام : » قد افترينا على الله كذباً إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها«ُ أن شعيباً كان على الكفر قبل أن ينجيه الله منه . أخذاً بظاهر اللفظ . وليس المعنى كما قال . بل المعنى هو : أن الذين آمنوا به كانوا من قبل كفاراً . ولما آمنوا ، قال لهم » الملأ الذين استكبروا من قومه : لنخر جنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا ، أو لتعودن في ملتنا«ُ فدخل شعيب مع المؤمنين به في الخطاب . ولما رد بقوله : » إن عدنا«ُ رد على أنه يتحدث عن جماعة المؤمنين به ، لأنه قائد هم ورئيسهم ونبيهم ورسولهم . لا على شخصه بمفرده . وهذا التأويل لا بد منه لإثبات عصمة الأنبياء من الكبائر والكفر ، قبل النبوة وبعدها . ] انتهى كلامه ,

وقد كتب فى الفهرس فى آخر الكتاب عنوانا لهذا الكلام فقال [ الشيخ أحمد بن عبد الحليم يشتم شعيبا النبى عليه السلام فى مجموع الفتاوى لابن قاسم ]

فلم أصدق أن ابن تيمية يقصد هذا المعنى , ويطعن بهذه الطريقة فى نبى الله شعيب عليه السلام ,وينسب اليه الكفر صراحة , جريا على قواعده فى الظاهر السطحى , فبحثت عن أصل هذا الكلام لابن تيمية فوجدته فى مجموع الفتاوى
المجلد الخامس عشر فى تفسير سورة الأعراف يقول :

[وقال شيخ الإسلام رَحِمهُ الله :
قوله سبحانه: { قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ رَبُّنَا } ، ظاهره دليل على أن شعيبا والذين آمنوا معه كانوا على ملة قومهم؛ لقولهم :[ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ]، ولقول شعيب : أنعود فيها[ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ]، ولقوله: { قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم } فدل على أنهم كانوا فيها ولقوله: { بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا }
فدل على أن الله أنجاهم منها بعد التلوث بها؛ ولقوله: { وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ رَبُّنَا} ، ولا يجوز أن يكون الضمير عائدًا على قومه؛ لأنه صرح فيه بقوله: { لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ} ؛ ولأنه هو المحاور له بقوله: { أَوَلَوْ كُنَّا } إلى آخرها، وهذا يجب أن يدخل فيه المتكلم، ومثل هذا فى سورة إبراهيم :{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ الآية}

هذا كلام صريح لا لبس فيه أن شعيبا كان على ملة قومه , أى كان كافرا قبل الرسالة , وهذا عنده هو التفسير الصحيح , ولذلك فان غيره من المفسرين قد أخطأوا فى تفسير مثل هذه الآيات- أنظر ماذا يقول :

[وَقَالَ شيخ الإسلام :
هذا تفسير آيات أشكلت حتى لا يوجد فى طائفة من كتب التفسير إلا ما هو خطأ فيها، ومنها قوله: { لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا الآية} وما فى معناها
التحقيق : أن الله سبحانه إنما يصطفى لرسالته من كان خيار قومه حتى فى النسب، كما فى حديث هرقل ومن نشأ بين قوم مشركين جهال، لم يكن عليه نقص إذا كان على مثل دينهم، إذا كان معروفًا بالصدق والأمانة، وفعل ما يعرفون وجوبه، وترك ما يعرفون قبحه
قال تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً } ، فلم يكن هؤلاء مُسْتَوْجبين العذاب، وليس فى هذا ما يُنَفِّر عن القبول منهم؛ ولهذا لم يذكره أحد من المشركين قادحًا

-أين الكلام الطويل العريض عن توحيد الربوبية ؟ وأن الكفار كانوا موحدين قبل البعثة ؟ وأنهم أخطأوا فقط فى توحيد الألوهية ؟ اذا كان رسولهم نفسه كان كافرا لا يعرف الله مثلهم ؟

ثم يقول :
[وقد اتفقوا[ من هم الذين اتفقوا ؟ لا أعرف ] على جواز بعثة رسول لا يعرف ما جاءت به الرسل قبله من النبوة والشرائع، وأن من لم يقر بذلك بعد الرسالة فهو كافر،
[ هل هذا الكلام معناه أن من لم يقر ببعثة رسول لايعرف ما جاءت به الرسل قبله فهو كافر ؟ هل يكفر شخص بمثل هذا ؟ أم ماذا يقصد بهذا الكلام ؟ ]

والرسل قبل الوحى لا تعلمه فضلاً عن أن تقر به، قال تعالى: { يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ الآية} ، وقال :{ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ } ، فجعل إنذارهم بالتوحيد كالإنذار بيوم التلاق، وكلاهما عرفوه بالوحى وما ذكر أنه صلى الله عليه وسلم بُغِّضَت إليه الأوثان، لا يجب أن يكون لكل نبى، فإنه سيد ولد آدم،
[ هل معنى هذا أن هناك رسل وأنبياء لم تبغّض اليهم الأوثان ؟ هل يصح هذا الكلام ؟ ]
والرسول الذى ينشأ بين أهل الكفر الذين لا نبوة لهم يكون أكمل من غيره، من جهة تأييد الله له بالعلم والهدى، وبالنصر والقهر، كما كان نوح وإبراهيم ]

--وجاء هذا الكلام أيضا فى منهاج السنة فى الجزءالسابع,ص132 , وهو يرد على ابن المطهر الحلى , الشيعى فى استدلال ابن المطهر على امامة سيدنا علىّ بن أبى طالب من القرآن الكريم ,
وأنا أنقل كلامه كاملا حتى يتضح الموقف تماما :وفي كلامه طعن مباشر فى الامام علىّ كرم الله وجهه ,

[:فصل قال الرافضي: البرهان الحادي عشر قوله تعالى[ إني جاعلك للناس إماما قال و من ذريتي] روى الفقيه ابن المغازلي الشافعي عن ابن مسعود قال قال النبي صلى الله عليه و سلم انتهت الدعوة إلىّ و إلى عليّ, لم يسجد أحدنا لصنم قط, فاتخذني نبيا و اتخذ عليا وصيا و هذا نص في الباب.]

و الجواب من وجوه...
أحدها: المطالبة بصحة هذا كما تقدم.

الثاني: أن هذا الحديث كذب موضوع بإجماع أهل العلم بالحديث.

الثالث:[ وأرجومنك أيها القارئ الكريم أن تركز فى فهمه لكلمة [ انتهت الدعوة الينا ]
أن قوله انتهت الدعوة إلينا كلام لا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه و سلم فانه إن أريد أنها لم تصب من قبلنا كان ممتنعا لأن الأنبياء من ذرية إبراهيم دخلوا في الدعوة قال تعالى[ و وهبنا له اسحق و يعقوب نافلة و كلا جعلنا صالحين و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا و أوحينا إليهم فعل الخيرات و أقام الصلاة و إيتاء الزكاة ]و قال تعالى[ و آتينا موسى الكتاب و جعلناه هدى لبني إسرائيل] و قال عن بني إسرائيل [و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون] و قال [نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين و نمكن لهم في الأرض] فهذه عدة نصوص من القران في جعل الله أئمة من ذرية إبراهيم قبل امتنا

-وهذا فهم سطحى تماما , لأن معنى انتهاء الدعوة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم , أنه آخر نبى ورسول فى سلسلة النبوة والرسالة من آدم عليه السلام اليه صلى الله عليه وسلم , ولم يقصد نفى الدعوة عمن سبقه ,

[ و إن أريد انتهت الدعوة إلينا انه لا إمام بعدنا لزم ألا يكون الحسن و الحسين و لا غيرهما أئمة و هو باطل بالإجماع
ثم التعليل بكونه لم يسجد لصنم هو علة موجودة في سائر المسلمين بعدهم.

الوجه الرابع: أن كون الشخص لم يسجد لصنم فضيلة يشاركه فيها جميع من ولد على الإسلام مع أن السابقين الأولين أفضل منه فكيف يجعل المفضول مستحقا لهذه المرتبة دون الفاضل.
الخامس: انه لو قيل انه لم يسجد لصنم لأنه اسلم قبل البلوغ فلم يسجد بعد إسلامه فهكذا كل مسلم ,و الصبي غير مكلف, و إن قيل انه لم يسجد قبل إسلامه فهذا النفي غير معلوم و لا قائله ممن يوثق به, و يقال ليس كل من لم يكفر أو من لم يأت بكبيرة أفضل ممن تاب عنها مطلقا بل قد يكون التائب من الكفر و الفسوق أفضل ممن لم يكفر و لم يفسق كما دل على ذلك الكتاب العزيز فان الله فضل الذين أنفقوا من قبل الفتح و قاتلوا على الذين أنفقوا من بعد و قاتلوا و أولئك كلهم اسلموا بعد الكفر و هؤلاء فيهم من ولد على الإسلام و فضل السابقين الأولين على التابعين لهم بإحسان و أولئك آمنوا بعد الكفر و أكثر التابعين ولدوا على الإسلام

-ونصل الى الكلام الذى نريده وهو :
[ و قد ذكر الله في القران أن لوطا آمن لإبراهيم و بعثه الله نبيا]

هو فسر كلمة [ فآمن له لوط ] أن لوطا لم يكن مؤمنا ثم دعاه سيدنا ابراهيم عليه السلام الى الايمان فآمن , وهذا فهم سقيم وطعن مباشر فى نبى الله لوط

ثم قال :
[ و قال شعيب[ قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها و ما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا] و قال تعالى[ و قال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا]

- على أساس ما فسره فى مجموع الفتاوى سابقا
ثم قال
[ و قد اخبر الله عن اخوة يوسف بما اخبر ثم نبأهم بعد توبتهم[ أى جعلهم أنبياء ] و هم الأسباط الذين امرنا أن نؤمن بما أوتوا في (سورة البقرة). و آل عمران و النساء و إذا كان في هؤلاء من صار نبيا فمعلوم أن الأنبياء أفضل من غيرهم]
أى أنهم أخطأوا قبل النبوة ثم جعلهم أنبياء ,

الحمد لله رب العالمين أن ابن تيمية لم يفسر القرآن الكريم

ما حكم هذا الكلام ؟ وكيف يكون الحال لو فسر ابن تيمية القرآن كله بهذه الطريقة , السطحية الظاهرية , ؟ وكيف يكون الحال لو لم يسخر الله لكتابه العلماء الراسخين الذين استقر على أيديهم التفسير وقواعده قبل ابن تيمية بقرون ؟

وهل تأكد الناس الآن أن الحمل على الظاهر يضيع القرآن ؟

هل تأكد الناس الآن من قول السادة الأشاعرة , أن اعتقاد ظواهر القرآن يؤدى الى مالا تحمد عقباه فى الفقه والعقيدة , -وعبارتهم أن اعتقاد ظواهر القرآن يؤدى الى التجسيم والتجسيم كفر ,

وهذا ابن تيمية قد اعتقد كفر الأنبياء والمرسلين قبل الرسالة , فهل هذا يليق ؟

أليست هذه كتب ابن تيمية وهذا كلامه ؟

أهذا هو شيخ الاسلام ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق