الأحد، 31 أكتوبر 2010

بطلان عقيدة التجسيم للإمام ابن أبي جمرة الأندلسي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أظهر دينه فحاطه من تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين و سخر لدينه رجالا قام بهم وبه قاموا على الوجه القويم..فكانوا سيوفا مسلطه على أهل البدع والأهواء ومن بدل هذا الدين واصلي واسلم على محمد ابن عبدالله النبي الأمين الذي علم الأمة التوحيد والذي قرن الله اسمه باسمه وقال فيه قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين واصلي واسلم على آل بيته الأطهار وصحابته الأبرار


قال الإمام ابن أبي جمرة الأندلسي ( 699 هـ ) في كتابه بهجة النفوس وتحليها بمعرفة مالها وما عليها ( شرح مختصر البخاري ) في شرح الحديث الثالث صفحة 35 من الجزء الاول بعد ذكره للمبتدعة وذكر القدرية والجبرية ثم قال رحمه الله :
((ومنهم المجسمة لأنهم يقولون بالجسم والحلول ومعتقد هذا لايصح منه الايمان بعموم اللفظ المذكور في الحديث لانه لايصح الايمان بمقتضى لفظ الحديث حتى يصح الايمان به عز وجل بمقتضى ما اخبر به عن نفسه حيث يقول ( ليس كمثله شئ ) وشئ يطلق على القليل والكثير وعلى كل الاشياء فمن خصص هذا العموم وهو قوله ليس كمثله شئ لم يصح منه الايمان بعموم لفظ الحديث وان ادعاه لان من لايعرف معبوده كيف يصح له الايمان به وذلك محال .
ثم نرجع الان الى البحث معهم في بيان اعتقاداتهم الفاسدة باشارة الناظر فيها بالتناصف تكفيه ..
فنقول ادعاؤهم الجسمانية والحلول تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا لايخلو اما ان يدعوا ذلك من طريق المشاهدة او من طريق الاخبار او من طريق القياس بالنظر العقلي ولا رابع ,
فان ادعوا المشاهدة فذلك باطل بالاجماع ولا يخالف فيه بر ولا فاجر ,
وان ادعوا الاخبار وتعلقوا بقوله عز وجل ( الرحمن على العرش استوى ) فباطل ايضا لان هذا اللفظ محتمل لاربعة معان وتأويلهم الفاسد خامس لها فكيف تقوم لهم حجة بلفظ محتمل لخمسة معان والحجة لاتكون الا بدليل قطعي ومع تلك الاربعة معان لها دلائل تقويها وتوضحها من النقل والعقل وتأويلهم الفاسد عليه دلائل تضعفه من طريق النقل والعقل وكيف يكون المرجوح دليلا يعمل به ويترك الراجح هذا من اكبر الغلط ؛ ثم نذكر الان تلك الوجوه ومايشهد لها من طريق العقل والنقل :
الوجه الاول: انه قيل في معناه عمد الى خلق العرش كما قال عز وجل ( ثم استوى الى السماء وهي دخان ) أي عمد الى خلقها والحروف في لسان العرب سائغ إبدال بعضها من بعض يدل على ذلك قوله عليه السلام في حديث الإسراء ( فأتينا على السماء السادسة ) وسنذكر ذلك في موضعه ان شاء الله تعالى ونشير هناك الى فساد مذاهب الشيع كلها ونشير الى طريقة الفرقة الناجية في سلامة اعتقاداتهم .
الوجه الثاني: قيل في معناه السمو والرفعة كما يقال علا القوم زيد أي ارتفع ومعلوم انه لم يستقر عليهم قاعدا وكما يقال علت الشمس في كبد السماء أي ارتفعت وهي لم تستقر يشهد لذلك قول جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم حين سأله هل زالت الشمس فقال جبريل عليه السلام لا نعم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لم قلت لا ثم قلت نعم فقال بينما قلت لك لا جرت الشمس مسيرة خمسمائة سنة وقد نص عز وجل على ذلك في كتابه حيث قال ( والشمس تجري لا مستقر لها ) على قراءة من قرأها بالنفي .
الوجه الثالث: قيل في معناه الحكم والقهر كما يقال استوى زيد على ارض كذا أي ملكهم وقهرهم .
الوجه الرابع : قيل انه اسم من اسماء الله عز وجل ولم يصح اسمه بذلك حتى تم خلق العرش فسمى بهذه الجملة كما سموا الرجل ببعلبك ومعد يكرب فلم يصح هذا الاسم الا بعد تمام الخلق ومعنى لم يصح أي لم يصح فهمه عندنا كما هو من اسمائه عز وجل مغاير لما غايره ولم يصح اسمه به الا بعد ظهور الخلق وقد قال بعض الصوفية في معنى هذا اللفظ شيئا وهو حسن لولا مافيه من التكلف من جهة العربية فقال الرحمن علا ووقف هنا ثم قال العرش استوى .
الخامس : ماذهبوا اليه بتأويلهم الفاسد من أن الموضع يقتضي الحلول والاستقرار فانظر الى هذا النظر الفاسد كيف يصح مع هذه الوجوه الظاهرة وكيف يصح مع مقتضى لسان العربية الذي يقتضي الحقيقة والمجاز فجعلوا هذا حقيقيا لا يقتضي المجاز ولم ينظروا الى دليل يخصص احد الوجهين الحقيقة والمجاز نضعف مركب على ضعف وكيف يسوغ اعتقاد هذا الوجه المرجوح مع عموم قوله عز وجل ( ليس كمثله شئ ) نفي بعموم هذه الاية دليلا على ماتأولوه ليس بحقيقي فابطلوا نصا لايحتمل التأويل وعموما لايحتمل التخصيص وهو قوله عز وجل ( ليس كمثله شئ ) بأحد خمس محتملات على ماتقدم وهو مرجوحها .
واما ما احتج به بعضهم لمذهبهم الفاسد بما روي عن الامام مالك رحمه الله لما ان سئل عن حقيقة الاستواء ماهو وكان من بعض جوابه هذا مشكل فليس لهم في ذلك حجة لانه سئل عن تحقيق شئ محتمل لاربعة اوجه صحيحة وهي ماذكرناه اولا فاجاب بان قال هذا مشكل لان تخصيص احد تلك المحتملات الاربعة وكل واحد منها صحيح فترجيح احدها على الثلاثة بغير دليل هو المشكل فكان تاويلهم على الامام فاسدا بغير ماذهب اليه كما تأولوا ذلك في الكتاب فاسدا .
واما ما احتجوا به لمذهبهم الفاسد بقول ابن ابي زيد رحمه الله في العقيدة التي ابتدأ الرسالة بها بقوله وانه فوق عرشه المجيد بذاته فلا حجة لهم فيه ايضا لأنهم خفضوا المجيد وجعلوه صفة للعرش وافتروا على الإمام بذلك والوجه فيه رفع المجيد لأنه قد تم الكلام بقوله فوق عرشه بذاته كلام مستأنف وهو من غاية التنزيه لأن مجد الله عز وجل بذاته لا مكتسبا ومجد عباده مكتسب فافتروا على الإمام هنا كما افتروا على الآخر هناك وكيف يجوز من طريق الدين أو العقل لمن له عقل ان يقول في لفظ محتمل الوجهين من طريق العربية ان يقول عن أحدهما وهو الفاسد هذا أراد القائل وهذا ممنوع شرعا لأن المؤمن لايحمل عليه السوء بالإحتمال وإنما يحمل الامر على اصحله وهو اللائق بالإيمان ويحمل على ظاهره وهو الاحتمال للوجهين معا وهو أقل المراتب .
واما البحث معهم من طريق العقل والنظر فلا يخلو أن يدعوا أن لهم على ذلك دليلا من طريق العقل و النظر أم لا
فإن ادعوا ذلك فهو منهم افتراء لأن أهل العقل قد اجمعوا على ان موجد الوجود غير محتاج لما أوجده لأنه لو كان محتاجا لما أوجده كاحتياج من أوجده إليه لاستويا ولم يكن للموجد تفرد بالكمال دون من أوجده وذلك محال ثم لا يخلو على زعمهم في الانتقال والاستقرار ان يدعوا أنه عز وجل كان قبل خلق العرش على شئ آخر غيره خلافه أو كان على غير شئ فإن ادعوا أنه كان على شئ لزمهم ان يكون قبل ذلك الشئ شئ وقبل الشئ شئ إلى مالا نهاية له وهذا باطل بالإجماع والعقل ثم لايخلو أن يدعوا انه لم يزل على شئ او انه كان على غير شئ وبعد ذلك انتقل الى تلك الاشياء من بعضها الى بعض فان ادعوا انه لم يزل على شئ لزمهم من ذلك سبق المخلوق للخالق وذلك مستحيل اجماعا وعقلا ونقلا وشرعا وان ادعوا انه كان أولا على غير شئ ثم انتقل إلى تلك الأشياء بعضها بعد بعض فلا يخلو أن يدعوا أن يكون انتقاله اليها احتياجا أو لغير احتياج فإن ادعوا ان ذلك كان للإحتياج فقد سقط البحث معهم لأنهم نفوا ما يليق بصفة الربوبية من الجلال والكمال ورجع محتاجا كسائر المخلوقات وذلك محال بالاجماع من كل الطوائف من المتكلمين وأهل العقل والنظر في حق الباري جل جلاله وإن ادعوا أن ذلك كان لغير احتياج لزمهم من ذلك أنهم وصفوه عز وجل لصفة النقص لأن مايفعل لغير احتياج كان عبثا وهذه صفة النقص وتعالى الله عن ذلك عولا كبيرا فإن ادعوا أن ذلك كان لغير احتياج ولاعبث وانما كان بوجه ما من الحكمة كما خلق الخلق وهو غير محتاج اليه وليس خلقهم عبثا قيل لهم الحكمة في الخلق قد بانت وهي ما أراد الله عز وجل من تبيين أهل الشقاء وضدهم واظهار اوصاف القدرة التي ليس للعبيد اتصال اليها ولامعرفة بها الا بالاستدلال بما ظهر من آثارها ومايدعونه فليس للحكمة هناك دليل على ما ادعوه بل الحكمة تقتضي ضد ذلك لأن من ليس كمثله شئ ينبغي بدليل الحكمة أن من ليس كمثله شئ أن لايحل في شئ ولا يحل فيه شئ ولايخالطه شئ لعدم التناسب فقد بان بطلان ماذهبوا اليه في هذه الثلاثة ولا رابع لها .
ومما يزيد ذلك بيانا قول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( لما قضى الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش أن رحمتي غلبت غضبي ) فيؤخذ من قوله أن الكتاب الذي كتب فيه هو فوق العرش أن حكمته جل جلاله اقتضت أن يكون العرش حاملا ومستودعا لما شاء من أثر حكمته وقدرته وغامض غيبه ليستأثر هو جل جلاله بذلك من طريق العلم والإحاطة عن جميع العالم كله فيكون ذلك من اكبر الأدلة على انفراده بعلم الغيوب الذي لايعلم مفاتيحها الا هو وقد يكون هذا الحديث تفسيرا لقوله تعالى ( الرحمن على العرش استوى ) أي ان ماشاء من أثر قدرته وحكمته وكتابه هو الذي استقر على العرش لا ذاته الجليلة ولو اراد ذلك لأكده بالمصدر كما فعل في كلامه حيث قال ( وكلم الله موسى تكليما ) فأكده بالمصدر لأن العرب تقول جاء زيد ويعنون خبره أو كتابه او رسوله فإذا أرادوه بذاته قالوا جاء زيد نفسه فاثبتوا بذلك الحقيقة حقا فذهب مازعموه بنظرهم الفاسد والحمدلله .
وأما ما ادعوه من التجسيم وتعلقوا فيه بظواهر آي وأحاديث فليس لهم فيه حجة بدليل ما يتفصل به إن شاء الله ؛
فمن جملة ماتعلقوا بظاهره بحسب نظرهم الفاسد قوله عليه السلام حتى يضع الجبار فيها قدمه وفي رواية ساقه قال علماء أهل السنة في هذا اللفظ عشرة أوجه ونحن نذكر بعضها لكي يتبين فساد ماذهبوا إليه بها وقد ذكرها أبو البقاء في كتابه وغيره من الفقهاء فمن جملة ماقالوا فيه وهو أظهرها وأرجحها أنهم نقلوا عن أهل اللغة أن الكافر عندهم يسمى قدما فإذا كانت هذه اللغة فكيف يعرجون عنها الى غيرها كفى بهذا الوجه ردا عليهم ومنهم من قال أنه كما سمى الحجر الأسود عين الله وهو حجر مرئي مشاهد لا خفاء فيه لكن لما أن كان من لمس الحجر رحم وشهد يوم القيامة للامسه على ماجاء الخبر به سمي عين الله لكونه رحمة فكذلك لما ان كان موضع الغضب سمي قدما فلوم لم يكن نقل اللغة وكان الموضع يحتمل عشرة أوجه مثل هذا الذي ذكرناه وما أشبهه وتأويلهم الفاسد أحدها على زعمهم كيف يسوغ أن يجزم بواحد دون التسعة مع أنه هو أضعفها لأنه ينافي التنزيه ويخصص عموم قوله ليس كمثله شئ وكيف يخصص نص بمحتمل كفى بهذا أدل دليل في الرد عليهم فكيف واللغة لاتحوج الى ذلك يرد عليهم قوله عز وجل عن المؤمنين أن لهم قدم صدق عند ربهم وقد وقع الإجماع من أهل العقل والنقل أن ذلك بالمعنى لا على ظاهره فان هم تأولوه كما تأول الكافة لزمهم أن يتاولوا الآخر ويعتقدوه كما فعل الكافة وان هم حملوه على ظاهره وقالوا بان الصدق جسد مجسد وقدمه عند الحق سبحانه وباقيه عند المؤمنين فقائل هذا لا خفاء في حمقه فالبحث معه قد سقط والكلام معهم على رواية الساق مثله لأن الساق ينطق في اللغة على اشياء غير واحدة لأنهم يقولون ساق من جراد وساق من قوم ويقولون الساق ويريدون به الجارحة والاظهر في هذا الموضع واللائق به ان يكون المراد بالساق عددا من الكفار فاذا كملوا فيها تقول قط قط فبان فساد ماذهبوا اليه بما ذكرناه وفيه كفاية هذا البحث معهم من طريق النقل ,
واما البحث معهم من طريق العقل فلو كان ما زعموا حقا لما صح تعذيب اهل انار ولا حجبوا عن الله وقد حصل لهم العذاب والحجاب لأنه لو كان ذلك حقا على زعمهم لكان أهل النار في النعيم حين وضع القدم ولشاهدوا الذات الجليلة كما شاهدها أهل الجنة لأن مشاهدة الحق لايكون معها عذاب وقد اخبر عز وجل انهم محجوبون لان الرؤية مع العذاب لاتمكن فبان بطلان ما زعموا بدليل النقل والعقل واما مازعموا من اليد وتعلقوا في ذلك بقوله عز وجل اولم يروا انا خلقنا لهم مما عملت ايدينا انعاما الى غير ذلك من الآي والأحاديث التي جاءت بالنص في هذا المعنى فليس لهم فيه حجة ايضا لأن اليد عند العرب تطلق على أشياء غير واحدة فمنها الجارحة ومنها النعمة لأنهم يقولون لفلان على فلان يد يريدون به النعمة ومنها القوة لقولهم لفلان في هذا الأمر يد يريدون به معرفة به معرفة به وقوة عليه وكذلك ما اشبه هذه الاوجه وهي عديدة فكيف يحققون احد محتملات في اللغة ويجزمون به مع انه مناف لقوله عز وجل ليس كمثله شئ فبان بطلان ما ذهبوا اليه بدليل ماذكرناه من النقل واما البحث معهم من طريق العقل فلأن الملوك في الدنيا لايفعلون بأيديهم شيئا والذين يفعلون بايديهم انما هم رعاع الناس وهذا مناف للعظمة والجلال فبان بطلان ماذهبوا اليه من طريق العقل ايضا ,
واما ما زعموا من الوجه وتعلقوا في ذلك بغير ما آية وغير ما حديث فليس لهم فيه حجة ايضا لأنه يحتمل في اللغة معان عديدة فمنها الجارحة ومنها الذات كقولهم وجه الطريق يريدون ذاته ومنها الحقيقة كقولهم وجه الأمر أي حقيقته وما أشبه هذا المعنى وهي عديدة في اللغة فيأخذون بأحد المحتملات ويجزمون به ذلك باطل لا خفاء فيه وبعد بطلان ما ذهبوا اليه بما ذكرناه يرد عليهم قوله عز وجل فأينما تولوا فثم وجه الله فن حملوه على ظاهره وهي الجارحة فيكون الوجه قد احاط بجميع الجهات فلم يبق للذات محل وهذا باطل بإجماع اهل النقل و العقل وان هم تأولوه لزمهم التاويل في الآخر وكذلك أيضاً يرد عليهم قوله عز وجل كل شئ هالك إلا وجهه فان هم وقفوا أيضاً في هذه الآية مع ظاهرها فقط سقط تحتهم مرة واحدة لن الذات الجليلة بالإجماع لاتفنى ولاتتجدد وان هم خرجوا عن الظاهر وحادوا الى التأويل لزمهم نقض ماذهبوا اليه في الوجه الآخر ولزمهم الرجوع الى التأويل فيه الحقيقي الذي يليق به عز وجل وهو انه يعود على الذات الجليلة لا على الجارحة والاعتراضات واردة عليهم كثيرة وفيما ابديناه كفاية مع ان قوله عز وجل ليس كمثله شئ ينفي ذلك كله ويبقى مذهب اهل السنة لاغير ,
وأما مازعموا من الجسمانية وتعلقوا في ذلك بظاهر قوله عليه السلام ينزل ربنا كل ليلة الى سماء الدنيا الى غير ذلك من الآي والأحاديث التي جاءت في هذا المعنى فليس لهم في ذلك حجة أيضاً لأن ذلك في اللغة محتمل لأوجه عديدة كقولهم جاء زيد يريدون ذاته ويريدون غلامه ويريدون كتابه ويريدون خبره والنزول مثله كقولهم نزل الملك يريدون ذاته ويريدون أمره ويريدون كتابه ويريدون نائبه فإذا أرادوا ان يخصصوا الذات قالوا نفسه فيؤكدونه بالمصدر وحينئذ ترتفع تلك الاحتمالات ولذلك قال جل وعز في كتابه وكلم الله موسى تكليماً فأكده بالمصدر رفعا للمجاز فلو قال الشارع عليه السلام هنا ينول ربنا نفسه أو ذاته او أكده بالمصدر لكان الأمر ما ذهبوا اليه ولكن لما أن ترك اللفظ على عمومه ولم يؤكده بالمصدر دل على أنه لم يرد الذات وانما أرادوا نزول رحمة ومن وفضل وطول على عباده وشبه هذا معروف عند الناس لأنهم يقولون تنازل الملك لفلان وهم يريدون كثرة إحسانه اليه وافضله اليه لا انه نزل اليه بذاته وتقرب اليه بجسده فهذا مشاهد في البشر فكيف بمن ليس كمثله شئ لقد اعظموا الفرية ،
وأما مازعموا من الأصابع وتعلقوا في ذلك بما روي في الحديث ( ان السماء يوم القيامة تكون على اصبع واحد ) لأن العظمة مستعار لها اليد كما قال بيد عظمته وبيد قدرته فكنى هنا عن بعض أجزاء العظمة وعن بعض أعضاء القدرة بالإصبع لأن أضعف ما في اليد الإصبع فصرح هنا بأن بعض أجزاء القدرة وبعض أجزاء العظمة هي الفاعلة لما ذكر وان كانت العظمة والقدرة لا تتجزأ لكن هذا تمثيل لمن له عقل لأن المتحيز لا يعرف إلا متحيزا فضرب له مثل بما يتوصل الفهم اليه حتى يحصل له معرفة بعظم القدرة ولا يلزم المثال أن يكون كالممثل من كل الجهات فبطل ماذهبوا اليه بدليل ما ذكرناه ثم بعد ذلك يرد عليهم قوله عليه السلام ( مامن قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن ) ومعناه عند أهل السنة بين أمرين من أمر الرحمن فان هم تأولوه كما تأوله أهل السنة لزمهم التأويل في الآخر وأن هم حملوه على ظاهره لزمهم أن يقولوا بأن أصباع الرحمن عدد الخلق مرتين لأن مامن عبد إلا وهو بين أصبعين وأن الذات الجليلة تخالط ذوات العبيد بأجمعهم ومعتقد هذا لاخفاء في حمقه ولا شك فيه والبحث معهم قد سقط فانظر الى هذا الغباء الكلي الذي مرقوا به من الدين كيف منعوا به فائدة ما احتوى عليه قوله عز وجل ( قل ائنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى الى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا اتينا طائعين فقضاهن سبع سموات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا ذلك تقدير العزيز العليم ) وقد أخبر الشارع عليه السلام أن في هذه الأرض الواحدة ألف عالم فإذا كان هذا العالم كله في الأرض الواحدة فكم في الارضين في الأخر وفي السموات السبع وما بينهما وقال عز وجل في خلق هذا كله ( وما مسنا من لغوب ) أي من تعب وفائدة مدلول هذا والأخبار به إنما هو ان يعلم أن هذا الخلق كله بعظمه وكثرة مافيه من المخلوقات في هذا القدر من الزمان لايكون بجارحة ولا آلة هذا ماهو من طريق النقل , واما من طريق العقل والنظر فهو ان العمل إذا كان بجارحة لايكون الا بعضه يتلو بعضا ولو كان ذلك كذلك لاستحال ان يكون ذلك الخلق العظيم المذكور في هذا الزمان القليل وهو ستة أيام ووجه آخر أيضا مشاهد مرئي مدرك وهو ان الجارحة التي تعمل الكثيف لا تستطيع على عمل الرفيع ومثاله الذي يعمل في الحلفا او في الفاغل وما أشبههما ان مديده للخز او الحرير او الرفيع من الكتان اتلفه مرة واحدة فكيف يفعل فيه شيئا يكون فيه فائدة وكذلك الآلة التي تعمل بها الأشياء لأن الآلة التي يعمل بها الرفيع لا يعمل بها الكثيف ومثاله منشار المشط لا يتأتى أن تنشر به الخشبة وكذلك جميع الآلات لا يجزي بعضها عن بعض لايجزي الرفيع عن الكثيف ولا الكثيف عن الرفيع وقد شاهدنا في المخلوقات مثل البعوضة والفيل الى غير ذلك من اللطيف والكثيف مع كثرتها فكثرتها مع اختلاف انواعها في قصر الزمان المذكور ادل دليل على ماذكرناه وهو ان خالقها اخترعها بقدرته دون جارحة ولا آلة ولذلك جعلها عز وجل دليلا لإبراهيم عليه السلام في عظيم اليقين فقال عز من قائل وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين فلما أن أراد الله عز وجل من خليله عليه السلام قوة اليقين الهمه إلى النظر بالتوفيق في الملكوت فبان له ماذكرناه فكان من الموقنين يشهد لذلك قوله عز وجل شهد الله أنه لا إله إلا هو وشهادته عز وجل لنفسه هي ماتضمنه مدلول مخلوقاته بوضعها على انه جل جلاله ليس كمثله شئ نحو ماتقدم فالبحث مع هذه الثلاث فرق * على ماتقدم والتبيين لتخصيصهم ذلك العموم يتبين لك فساد ماذهب اليه غيرهم من الاثنين وسبعين فرقة وكيف تخصيصهم اللفظ العام .) انتهى

نقض مذهب المجسمة في الإثبات الحرفي -معنى قدم الله تعالى-

بقلم الشيخ عدنان الزهار

روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض فتمتلئ ".

قال الحافظ ابنُ الجوزي رحمه الله في "دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه": "الواجب علينا أن نعتقد أن ذات الله تعالى لا تتبعض ولا يحويها مكان ولا توصف بالتغير ولا بالانتقال وقد حكى أبو عبيد الهروي عن الحسن البصري أنه قال: القدم هم الذين قدمهم الله تعالى من شرار خلقه وأثبتهم لها. وقال الإمام ابن الأعرابي: القدم المتقدم. وروى أبو بكر البيهقي عن النضر بن شميل أنه قال: القدم ههنا الكفار الذين سبق في علم الله أنهم من أهل النار. وقال أبو منصور الأزهري: القدم هم الذين قدم الله بتخليدهم في النار.

فعلى هذا يكون في المعنى وجهين أحدهما: كل شيء قدمه، يقال لما قدم: قدم ولما هدم هدم ويؤيد هذا قوله في تمام الحديث "وأما الجنة فينشئ لها خلقا".

ووجه ثان: إن كل قادم عليها سمي قادما فالقدم جمع قادم، فبعض الرواة رواه بما يظنه المعنى من أن المقدم الرجل. وقد رواه الطبراني من طرق فقال: "لقدمه ورجله". قلت: وهذا دليل على تغير الرواة بما يظنونه.

على أن الرجل في اللغة: جماعة. ومن يرويه بلفظ الرجل فإنه يقول: رجل من جراد فيكون المراد يدخلها جماعة يشبهون في كثرتهم الجراد فيسرعون التهافت فيها. قال القاضي أبو يعلى المجسم: القدم صفة ذاتية. وقال ابن الزاغوني المجسم: نقول إنما وضع قدمه في النار ليخبرهم أن أصنافهم تحترق وأنا لا أحترق.
قلت: وهذا إثبات تبعيض وهو من أقبح الاعتقادات.

قلت: ورأيت أبا بكر بن خزيمة قد جمع كتابا في الصفات وبوبه فقال: باب إثبات اليد باب إمساك السموات على أصابعه. باب إثبات الرجل وإن رغمت أنوف المعتزلة ثم قال قال الله تعالى  ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها  فأعلمنا أن من لا يد له ولا رجل فهو كالأنعام.

قلت: وإني لأعجب من هذا الرجل مع علو قدره في علم النقل يقول هذا ويثبت لله ما ذمَّ الأصنام بعدمه من اليد الباطشة والرجل الماشية ويلزمه أن يثبت الأذن، ولو رزق الفهم ما تكلم بهذا ولفهم أن الله تعالى عاب الأصنام عند عابديها والمعنى لكم أيد وأرجل فكيف عبدتم ناقصا لا يد له يبطش ولا رجل يمشي بها.
قال ابن عقيل: تعالى الله أن يكون له صفة تشغل الأمكنة هذا عين التجسيم وليس الحق بذي أجزاء وأبعاض يعالج بها. ثم أليس يعمل في النار أمره وتكوينه فكيف يستعين بشيء من ذاته ويعالجها بصفة من صفاته وهو القائل  كوني بردا وسلاما .

فما أسخف هذا الاعتقاد وأبعده عن مكون الأملاك والأفلاك فقد كذبهم الله تعالى في كتابه إذ قال  لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها. فكيف يظن بالخالق أنه يردها تعالى الله عن تجاهل المجسمة.اهـ

الأشاعرة

لحمدلله

اللهم صلي على سيدنا ومولانا محمد الفاتح لما اغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي الي صراطك المستقيم وعلى آله وصحبه أجمعين

- يقول سيدي / السيد محمد بن علوي المالكي الحسني رحمه الله تعالى ,, في كتابه هو الله ,,, مع بعض التصرف:

بسم الله الرحمن الرحيم

حقيقة الاشاعرة



يجهل كثير من أبناء المسلمين مذهب الاشاعرة , ولايعرفون من هم الاشاعرة ولاطريقتهم في أمر العقيدة ولايتورع البعض أن ينسبهم إلى الضلال أو يرميهم بالمروق من الدين والالحاد في صفات الله .


وهذا الجهل بمذهب الاشاعرة سبب تمزق وحدة (أهل السنة) وتشتت شملهم حتى غدا بعض الجهلة يجعل الاشاعرة ضمن طوائف أهل الضلال , ولست أدري كيف يقرن بين أهل الايمان وأهل الضلال ؟

وكيف يساوي بين أهل السنة وبين غلاة المعتزلة والجهمية .؟


(( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ,, مالكم كيف تحكمون )) القلم 35 -36 .

الاشاعرة هم أئمة أعلام الهدى من علماء المسلمين الذين ملأ علمهم مشارق الارض ومغاربها , وأطبق الناس على فضلهم وعلمهم ودينهم , وهم جهابذة علماء أهل السنة وأعلام علمائها الأفاضل الذين وقفوا في طغيان المعتزلة .


هم الذين قال عنهم الشيخ بن تيمية " والعلماء أنصار علوم الدين والاشاعرة أنصار

أصول الدين
"


إنهم طوائف المحدثين والفقهاء والمفسرين والسيرة والتاريخ وقادة الجهاد ...



و الكثير مما يصعب الحصرمن الائمة الاعلام كشيخ الاسلام أحمد بن حجر العسقلاني شيخ المحدثين بلا مراء صاحب كتاب فتح الباري, هو أشعري العقيدة.


وشيخ علماء أهل السنة الامام النووي صاحب شرح صحيح مسلم والاربعين النووية

وصاحب المصنفات الشهيرة هو أشعري العقيدة .


وشيخ المفسرين الامام القرطبي صاحب تفسير" الجامع لاحكام القرآن " هو أشعري


العقيدة .


والامام الباقلاني , والنسفي والشربيني وأبوحيان والامام بن جزي وغيرهم كلهم أشاعرة .


ولو أردنا أن نعدد هؤلا الاعلام من المحدثين والمفسرين والفقهاء وغيرهم من أئمة الاشاعرة لضاق بنا الحال وإحتجنا إلى مجلدات في سرد أولئك العلماء الافاضل الذين ملأ علمهم مشارق الارض ومغاربها ....

إن من الواجب أن نرد الجميل إلى لأصحابه وأن نعرف الفضل لأهل العلم والفضل الذين خدموا شريعة سيد المرسلين من العلماء الافاضل .

وأي خير يرجى فينا إن رمينا علماءنا الاعلام وسلفنا الصالحين بالزيغ والضلال ؟




كيف يفتح الله علينا لنستفيذ من علومهم إذا كنا نعتقد فيهم الانحراف والزيغ عن طريق الاسلام .


كيف نأخد العلوم عنهم إذا كانوا على ضلال ؟ وقد قال الامام إبن سيرين رحمه الله :


إن هذا العلم دين فإنظروا عمن تأخدون دينكم .




أفما يكفي أن يقول المعارض : إنهم رحمهم الله إجتهدوا فأخطأوا في تأويل الصفات, وكان الاولى أن لايسلكوا هذا المسلك , بدل أن يرميهم بالزيغ والضلال , ويغضب على من عدهم من أهل السنة.




إذاكان هؤلاء الاتي ذكرهم لم يكونوا من أهل السنة والجماعة ,,, فمن هم أهل السنة والجماعة إذن ؟




من أهل التفسير وعلوم القرآن :

الجصاص وأبو عمرو الداني والقرطبي والكيا الهراسي وابن العربي والرازي وابن عطية والمحلي والبيضاوي والثعالبي وأبو حيان وابن الجزري والسمرقندي والواحدي والزركشي والسيوطي والآلوسي والزرقاني والنسفي والقاسمي وابن عاشور وغيرهم كثير



ومن أهل الحديث وعلومه :


الدارقطني والحاكم والبيهقي والخطيب البغدادي وابن عساكر والخطابي وأبو نعيم الأصبهاني والسمعاني وابن القطان والقاضي عياض وابن الصلاح والمنذري والنووي والهيثمي والمزي وابن حجر وابن المنير وابن بطال وغالب شراح الصحيحين , وشراح السنن , والعراقي وابنه وابن جماعة والعيني والعلائي وابن الملقن وابن دقيق العيد وابن الزملكاني والزيلعي والسيوطي وابن علان والسخاوي والمناوي وعلي القاري والجلال الدواني والبيقوني واللكنوي والزبيدي وغيرهم كثير



ومن أهل الفقه وأصوله :



- فمن الحنفية : ابن نجيم والكاساني والسرخسي والزيلعي والحصكفي والميرغناني والكمال بن الهمام والشرنبلالي وابن أمير الحاج والبزدوي والخادمي وعبد العزيز البخاري وابن عابدين والطحطاوي وغالب علماء الهند والباكستان وغيرهم كثير



- ومن المالكية : ابن رشد والقرافي والشاطبي وابن الحاجب وخليل والدردير والدسوقي وزروق واللقاني والزرقاني والنفراوي وابن جزي والعدوي وابن الحاج والسنوسي وعليش وغالب الشناقطة وعلماء المغرب العربي وغيرهم كثير



- ومن الشافعية : الجويني وابنه والرازي والغزالي والآمدي والشيرازي

والاسفرائيني والباقلاني والمتولي والسمعاني وابن الصلاح والنووي والرافعي والعز بن عبد السلام وابن دقيق العيد وابن الرفعة والأذرعي والإسنوي والسبكي وابنه والبيضاوي والحصني وزكريا الأنصاري وابن حجر الهيتمي والرملي والشربيني والمحلي وابن المقري والبيجوري , وابن القاسم العبادي وابن قاسم الغزي وابن النقيب والعطار والبناني والدمياطي وآل الأهدل وغيرهم كثير




ومن أهل التواريخ والسير والتراجم :


القاضي عياض والمحب الطبري وابن عساكر والخطيب البغدادي وابن حجر والمزي والسهيلي والصالحي والسيوطي وابن الأثير وابن خلدون والتلمساني والقسطلاني والصفدي وابن خلكان وابن قاضي شهبة وابن ناصر الدين وغيرهم كثير



ومن أهل اللغة :


الجرجاني والغزويني وأبو البركات الأنباري والسيوطي وابن مالك وابن عقيل وابن هشام وابن منظور والفيروزآبادي والزبيدي وابن الحاجب وخالد الأزهري وأبو حيان وابن الأثير والحموي وابن فارس والكفوي وابن آجروم والحطاب والأهدل وغيرهم كثير



ومن القادة :



نور الدين الشهيد وصلاح الدين الأيوبي والمظفر قطز والظاهر بيبرس وسلاطين الأيوبيين والمماليك , والسلطان محمد الفاتح وسلاطين العثمانيين ونظام الملك وغيرهم كثير.

وكذا كثير من قادة الحركة الإسلامية المعاصرة في مصر والشام والمغرب العربي والسودان والعراق والهند والباكستان وغيرها من البلدان هم من الأشاعرة أو الماتريدية كل أولئك أشاعرة أو ماتريدية وهذه فقط أمثلة ولقد وصف رسول الله الفرقة الناجية بأنهم السواد الأعظم من الأمة وهذا الوصف منطبق على الأشاعرة والماتريدية وأصحاب الحديث إذ هم غالب أمة الإسلام والمنفي عنهم الاجتماع على الضلالة بنص الحديث المشهور



(لا تجتمع أمتـي علـى ضلالة)





هؤلا هم سلفي , اللهم إني أسألك الموت على عقيدتهم لامبدل ولامغير ,,,,

سوء أدب ابن تيمية مع الأنبياء

سوء أدب ابن تيمية مع الأنبياء

أردت أن أفرد هذه المشاركة بموضوع مستقل للفت النظر اليها وطلب الرد عليها :

بعد أن أنكر ابن تيمية المجاز , وحمل كل ألفاظ اللغة على الظاهر السطحى المباشر , وترتب على هذا نسبة أفعال البشر وصفات البشر لله تعالى , فنسب الى الله تعالى ما لا يليق , اتجه الى الأنبياء والمرسلين , فماذا فعل معهم بهذا الأسلوب السطحى ؟

قرأت هذا الكلام فى آخر كتاب –أساس التقديس للفخر الرازى , وهو كلام لمحقق الكتاب الدكتور –أحمد حجازى السقا –فى فصل بعنوان –قضية هذا الكتاب –وذكر ردود العلماء على ابن تيمية فى انكاره للمجاز فى اللغة والقرآن الكريم , وحمله كل ألفاظ الصفات على الظاهر والحقيقة , التى تؤدى حتما الى التجسيم مهما ادعى غير ذلك بأسلوب ملتوى :
يقول الدكتور أحمد حجازى السقا
[رابعا
إن أخذ ابن تيمية بظاهر اللفظ ، يوقعه في سوء الأدب مع الأنبياء – عليهم السلام – فقد قال – على سبيل المثال – في قوله تعالى عن شعيب عليه السلام : » قد افترينا على الله كذباً إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها«ُ أن شعيباً كان على الكفر قبل أن ينجيه الله منه . أخذاً بظاهر اللفظ . وليس المعنى كما قال . بل المعنى هو : أن الذين آمنوا به كانوا من قبل كفاراً . ولما آمنوا ، قال لهم » الملأ الذين استكبروا من قومه : لنخر جنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا ، أو لتعودن في ملتنا«ُ فدخل شعيب مع المؤمنين به في الخطاب . ولما رد بقوله : » إن عدنا«ُ رد على أنه يتحدث عن جماعة المؤمنين به ، لأنه قائد هم ورئيسهم ونبيهم ورسولهم . لا على شخصه بمفرده . وهذا التأويل لا بد منه لإثبات عصمة الأنبياء من الكبائر والكفر ، قبل النبوة وبعدها . ] انتهى كلامه ,

وقد كتب فى الفهرس فى آخر الكتاب عنوانا لهذا الكلام فقال [ الشيخ أحمد بن عبد الحليم يشتم شعيبا النبى عليه السلام فى مجموع الفتاوى لابن قاسم ]

فلم أصدق أن ابن تيمية يقصد هذا المعنى , ويطعن بهذه الطريقة فى نبى الله شعيب عليه السلام ,وينسب اليه الكفر صراحة , جريا على قواعده فى الظاهر السطحى , فبحثت عن أصل هذا الكلام لابن تيمية فوجدته فى مجموع الفتاوى
المجلد الخامس عشر فى تفسير سورة الأعراف يقول :

[وقال شيخ الإسلام رَحِمهُ الله :
قوله سبحانه: { قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ رَبُّنَا } ، ظاهره دليل على أن شعيبا والذين آمنوا معه كانوا على ملة قومهم؛ لقولهم :[ أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ]، ولقول شعيب : أنعود فيها[ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ]، ولقوله: { قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم } فدل على أنهم كانوا فيها ولقوله: { بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللّهُ مِنْهَا }
فدل على أن الله أنجاهم منها بعد التلوث بها؛ ولقوله: { وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ رَبُّنَا} ، ولا يجوز أن يكون الضمير عائدًا على قومه؛ لأنه صرح فيه بقوله: { لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ} ؛ ولأنه هو المحاور له بقوله: { أَوَلَوْ كُنَّا } إلى آخرها، وهذا يجب أن يدخل فيه المتكلم، ومثل هذا فى سورة إبراهيم :{ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ الآية}

هذا كلام صريح لا لبس فيه أن شعيبا كان على ملة قومه , أى كان كافرا قبل الرسالة , وهذا عنده هو التفسير الصحيح , ولذلك فان غيره من المفسرين قد أخطأوا فى تفسير مثل هذه الآيات- أنظر ماذا يقول :

[وَقَالَ شيخ الإسلام :
هذا تفسير آيات أشكلت حتى لا يوجد فى طائفة من كتب التفسير إلا ما هو خطأ فيها، ومنها قوله: { لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا الآية} وما فى معناها
التحقيق : أن الله سبحانه إنما يصطفى لرسالته من كان خيار قومه حتى فى النسب، كما فى حديث هرقل ومن نشأ بين قوم مشركين جهال، لم يكن عليه نقص إذا كان على مثل دينهم، إذا كان معروفًا بالصدق والأمانة، وفعل ما يعرفون وجوبه، وترك ما يعرفون قبحه
قال تعالى: { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً } ، فلم يكن هؤلاء مُسْتَوْجبين العذاب، وليس فى هذا ما يُنَفِّر عن القبول منهم؛ ولهذا لم يذكره أحد من المشركين قادحًا

-أين الكلام الطويل العريض عن توحيد الربوبية ؟ وأن الكفار كانوا موحدين قبل البعثة ؟ وأنهم أخطأوا فقط فى توحيد الألوهية ؟ اذا كان رسولهم نفسه كان كافرا لا يعرف الله مثلهم ؟

ثم يقول :
[وقد اتفقوا[ من هم الذين اتفقوا ؟ لا أعرف ] على جواز بعثة رسول لا يعرف ما جاءت به الرسل قبله من النبوة والشرائع، وأن من لم يقر بذلك بعد الرسالة فهو كافر،
[ هل هذا الكلام معناه أن من لم يقر ببعثة رسول لايعرف ما جاءت به الرسل قبله فهو كافر ؟ هل يكفر شخص بمثل هذا ؟ أم ماذا يقصد بهذا الكلام ؟ ]

والرسل قبل الوحى لا تعلمه فضلاً عن أن تقر به، قال تعالى: { يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ الآية} ، وقال :{ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ } ، فجعل إنذارهم بالتوحيد كالإنذار بيوم التلاق، وكلاهما عرفوه بالوحى وما ذكر أنه صلى الله عليه وسلم بُغِّضَت إليه الأوثان، لا يجب أن يكون لكل نبى، فإنه سيد ولد آدم،
[ هل معنى هذا أن هناك رسل وأنبياء لم تبغّض اليهم الأوثان ؟ هل يصح هذا الكلام ؟ ]
والرسول الذى ينشأ بين أهل الكفر الذين لا نبوة لهم يكون أكمل من غيره، من جهة تأييد الله له بالعلم والهدى، وبالنصر والقهر، كما كان نوح وإبراهيم ]

--وجاء هذا الكلام أيضا فى منهاج السنة فى الجزءالسابع,ص132 , وهو يرد على ابن المطهر الحلى , الشيعى فى استدلال ابن المطهر على امامة سيدنا علىّ بن أبى طالب من القرآن الكريم ,
وأنا أنقل كلامه كاملا حتى يتضح الموقف تماما :وفي كلامه طعن مباشر فى الامام علىّ كرم الله وجهه ,

[:فصل قال الرافضي: البرهان الحادي عشر قوله تعالى[ إني جاعلك للناس إماما قال و من ذريتي] روى الفقيه ابن المغازلي الشافعي عن ابن مسعود قال قال النبي صلى الله عليه و سلم انتهت الدعوة إلىّ و إلى عليّ, لم يسجد أحدنا لصنم قط, فاتخذني نبيا و اتخذ عليا وصيا و هذا نص في الباب.]

و الجواب من وجوه...
أحدها: المطالبة بصحة هذا كما تقدم.

الثاني: أن هذا الحديث كذب موضوع بإجماع أهل العلم بالحديث.

الثالث:[ وأرجومنك أيها القارئ الكريم أن تركز فى فهمه لكلمة [ انتهت الدعوة الينا ]
أن قوله انتهت الدعوة إلينا كلام لا يجوز أن ينسب إلى النبي صلى الله عليه و سلم فانه إن أريد أنها لم تصب من قبلنا كان ممتنعا لأن الأنبياء من ذرية إبراهيم دخلوا في الدعوة قال تعالى[ و وهبنا له اسحق و يعقوب نافلة و كلا جعلنا صالحين و جعلناهم أئمة يهدون بأمرنا و أوحينا إليهم فعل الخيرات و أقام الصلاة و إيتاء الزكاة ]و قال تعالى[ و آتينا موسى الكتاب و جعلناه هدى لبني إسرائيل] و قال عن بني إسرائيل [و جعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا و كانوا بآياتنا يوقنون] و قال [نريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض و نجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين و نمكن لهم في الأرض] فهذه عدة نصوص من القران في جعل الله أئمة من ذرية إبراهيم قبل امتنا

-وهذا فهم سطحى تماما , لأن معنى انتهاء الدعوة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم , أنه آخر نبى ورسول فى سلسلة النبوة والرسالة من آدم عليه السلام اليه صلى الله عليه وسلم , ولم يقصد نفى الدعوة عمن سبقه ,

[ و إن أريد انتهت الدعوة إلينا انه لا إمام بعدنا لزم ألا يكون الحسن و الحسين و لا غيرهما أئمة و هو باطل بالإجماع
ثم التعليل بكونه لم يسجد لصنم هو علة موجودة في سائر المسلمين بعدهم.

الوجه الرابع: أن كون الشخص لم يسجد لصنم فضيلة يشاركه فيها جميع من ولد على الإسلام مع أن السابقين الأولين أفضل منه فكيف يجعل المفضول مستحقا لهذه المرتبة دون الفاضل.
الخامس: انه لو قيل انه لم يسجد لصنم لأنه اسلم قبل البلوغ فلم يسجد بعد إسلامه فهكذا كل مسلم ,و الصبي غير مكلف, و إن قيل انه لم يسجد قبل إسلامه فهذا النفي غير معلوم و لا قائله ممن يوثق به, و يقال ليس كل من لم يكفر أو من لم يأت بكبيرة أفضل ممن تاب عنها مطلقا بل قد يكون التائب من الكفر و الفسوق أفضل ممن لم يكفر و لم يفسق كما دل على ذلك الكتاب العزيز فان الله فضل الذين أنفقوا من قبل الفتح و قاتلوا على الذين أنفقوا من بعد و قاتلوا و أولئك كلهم اسلموا بعد الكفر و هؤلاء فيهم من ولد على الإسلام و فضل السابقين الأولين على التابعين لهم بإحسان و أولئك آمنوا بعد الكفر و أكثر التابعين ولدوا على الإسلام

-ونصل الى الكلام الذى نريده وهو :
[ و قد ذكر الله في القران أن لوطا آمن لإبراهيم و بعثه الله نبيا]

هو فسر كلمة [ فآمن له لوط ] أن لوطا لم يكن مؤمنا ثم دعاه سيدنا ابراهيم عليه السلام الى الايمان فآمن , وهذا فهم سقيم وطعن مباشر فى نبى الله لوط

ثم قال :
[ و قال شعيب[ قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها و ما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا] و قال تعالى[ و قال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا]

- على أساس ما فسره فى مجموع الفتاوى سابقا
ثم قال
[ و قد اخبر الله عن اخوة يوسف بما اخبر ثم نبأهم بعد توبتهم[ أى جعلهم أنبياء ] و هم الأسباط الذين امرنا أن نؤمن بما أوتوا في (سورة البقرة). و آل عمران و النساء و إذا كان في هؤلاء من صار نبيا فمعلوم أن الأنبياء أفضل من غيرهم]
أى أنهم أخطأوا قبل النبوة ثم جعلهم أنبياء ,

الحمد لله رب العالمين أن ابن تيمية لم يفسر القرآن الكريم

ما حكم هذا الكلام ؟ وكيف يكون الحال لو فسر ابن تيمية القرآن كله بهذه الطريقة , السطحية الظاهرية , ؟ وكيف يكون الحال لو لم يسخر الله لكتابه العلماء الراسخين الذين استقر على أيديهم التفسير وقواعده قبل ابن تيمية بقرون ؟

وهل تأكد الناس الآن أن الحمل على الظاهر يضيع القرآن ؟

هل تأكد الناس الآن من قول السادة الأشاعرة , أن اعتقاد ظواهر القرآن يؤدى الى مالا تحمد عقباه فى الفقه والعقيدة , -وعبارتهم أن اعتقاد ظواهر القرآن يؤدى الى التجسيم والتجسيم كفر ,

وهذا ابن تيمية قد اعتقد كفر الأنبياء والمرسلين قبل الرسالة , فهل هذا يليق ؟

أليست هذه كتب ابن تيمية وهذا كلامه ؟

أهذا هو شيخ الاسلام ؟

الإمام أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري بقلم الدكتور: محمد سعيد رمضان البوطي

الإمام
أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري
[260-324هـ]

بقلم الدكتور: محمد سعيد رمضان البوطي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي علّم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام الأتمان على رسوله محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد، فإن حديثي هنا عن الإمام أبي الحسن عليّ بن إسماعيل الأشعري (260-324هـ) سيتناول بتوفيق الله المسائل التالية:

أولاً: هل كان الإمام الأشعري مُنشئاً لفرقة إسلامية في العقائد جديدة؟

ثانياً: ما المنهج الذي ألزم الإمام الأشعري نفسه به وسار عليه، فيما انتهى إليه من مسائل العقيدة، وما كان يخوض فيه منها أرباب الفرق والكلام؟

ثالثاً: بعض التطبيقات على منهجه.

رابعاً: ما هي الآثار التي تركها الإمام الأشعري في توجهات علماء العقيدة الإسلامية من بعده؟ وما هو الدور الذي لعبه في أبراز ما يسمى بمذهب جمهور المسلمين، أو مذهب أهل السنة والجماعة؟

خامساً: هل في آراءه الكلامية (أو الاعتقادية) ما خالفه فيه بعض من جاء بعده من أئمة أهل السنة والجماعة؟

* * *

ولنبدأ بأولى هذه المسائل: هل كان الإمام الأشعري منشئاً لفرقة إسلامية في العقائد جديدة؟

والجواب عن هذا يتبين في حديث الأشعري نفسه والمراجع التي يعتمد عليها ثم لا يخرج عنها في مسائله التي يتبناها ويدافع عنها.

* إنه يعرض في كتابه (مقالات الإسلاميين) لآراء كثير من الفرق في كثير من المسائل: ثم يُفرد فصلاً عنوانه: (وهذه حكاية جملة ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنة) ويعرض فيه عقائد أهل السنة والجماعة في تلك المسائل كلها مأخوذة من صريح القرآن وصحيح السنة، ثم يقول: (وبكل ما ذكرنا من قولهم نقول، وإليه نذهب، وما توفيقنا إلا بالله، وهو حسبنا ونعم الوكيل وبه نستعين وعليه نتوكل وإليه المصير)([1]).

* وهو يعرض لمذاهب كثير من المجسِّمة، ثم ينقل عمن يسميهم أهل السنة وأصحاب الحديث تنزيههم الله تعالى عن الجسم والشبيه والنظير، ثم يقول: (ولم يقولوا شيئاً إلا ما وجدوه في الكتاب، أو جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبهذا نقول)([2]).

ويؤكد موقفه هذا في مكان آخر يروي فيه ما يقوله المجسمة عن العين واليد لله تعالى، ثم يقول: (لسنا نقول في ذلك إلا ما قاله الله عز وجل، أو جاءت به الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنقول: وجه بلا كيف، ويدان وعينان بلا كيف)([3]).

* ويكرر مؤكداً مثل هذا في كتابه الإبانة. على أن جلّ ما ذكره فيه مثبت في كتابه: (مقالات الإسلاميين)([4]).

كما يتبين الجواب عن هذا السؤال أيضاً فيما اجتمعت عليه كلمة الأئمة والعلماء الذين جاؤوا من بعده، فقد أجمعوا على أنه لم يبتدع مذهباً ولم ينشئ فرقة جديدة أضيفت إلى الفرق التي وجدت ثم تكاثرت في عصر التابعين، وهو ذاته ما أجمع عليه علماء الحديث والتفسير وأئمة الفقه في عصره.

يقول ابن عساكر، ناقلاً عن الشيخ أبي القاسم القشيري ما نصه:
(اتفق أصحاب الحديث أن أبا الحسن عليّ بن إسماعيل الأشعري، كان إماماً من أئمة أصحاب الحديث، تكلم في أصول الديانات على طريقة أهل السنة، وردّ على المخالفين من أهل الزيغ والبدع)([5])
ويقول ابن السبكي في طبقات الشافعية: (اعلم أن أبا الحسن لم يبدع رأياً ولم ينشئ مذهباً وإنما هو مقرِر لمذهب السلف، مناضل عما كانت عليه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالانتساب إليه إنما هو بأنه عقد على طريقة السلف نطاقاً وتمسك به، وأقام الحجج والبراهين عليه، فصار المقتَدِي به في ذلك، السالك سبيله في الدلائل يسمى أشعرياً)
([6])


ويقول ابن خلكان: (هو صاحب الأصول، والقائم بنصرة مذهب أهل السنة، وإليه تنسب الطائفة الأشعرية)([7])

ويقول ابن العماد في كتابه شذرات الذهب: (وقد بيّض الله به وجوه أهل السنة النبوية وسوّد به رايات أهل الاعتزال والجهمية، فأبان وجه الحق الأبلج، ولصدور أهل العلم والعرفان أثلج)([8])

وعلى الرغم من وضوح هذه الدلائل كلها، وعلى الرغم من تعريف الإمام الأشعري ذاته بنفسه، وتأكيده المتكرر بأنه إنما يقول في مسائل العقيدة كلها بما يقول به أصحاب رسول الله وأصحاب الحديث وأهل السنة، فإن في الناس من يصرّون، لأمر ما، على أنه هو الآخر كان صاحب فرقة، ومنشئ مذهب، ومبتدعاً لرؤى فكرية وفلسفية، ويبدو أن هؤلاء الناس متلبسون بما يتهمون به الإمام الأشعري، ولا ريب أنهم يتبعون في هذا الذي يذهبون إليه ويصرون عليه، جماعة المستشرقين الذين طاب لهم أن ينصرفوا إلى دراسة الفرق الإسلامية وتاريخها.

وإني لأذكر أن المستشرق الفرنسي (ماسينيون) زار كلية الشريعة من جامعة دمشق في أواخر الستينات من القرن الماضي. فكان دأبه إظهار الإعجاب بالفكر الإسلامي، والمنافحين عن الفلسفة الإسلامية، والعقائد الإسلامية عموماً كلما دعت المناسبة. فوقف أحدهم مرة يقول له: فلماذا لا تتبنى إذن هذه المعتقدات وتعلن عن دخولك في الإسلام؟.. فأجابه قائلاً: أي إسلام تدعوني إلى دخوله: أهو الإسلام المعتزلي أم المرجئي أم الجهمي أم الأشعري أم الماتريدي أم الخارجي أم الشيعي..

أقول: لقد كان المفروض أن يقال له: ادخل الإسلام الذي كان موجوداً قبل ظهور هذه الفرق كلها، إذن ستجد نفسك واحداً من أتباع الإمام الأشعري والماتريدي، وبعبارة أخرى: ستجد نفسك معهما ثالث ثلاثة سائرين على النهج الذي ترك رسول الله عليه أصحابه.

إنه وهم خطير وكبير تصنعه ثلة من المستشرقين، تنفيذاً لرسالتهم التي حُمِّلوا أعباءها، وكلفوا ببثها في أوساط المسلمين، وإدخالها في أذهان المغفلين منهم. ويتبعهم في نشر هذا الوهم أصحاب عصبيات مذهبية جديدة، قصارى همهم الانتصار لابتداعاتهم، ولو وجدوا أنفسهم يقفون بهذا في خندق عدواني واحد مع أولئك المستشرقين.

إن الإمام الأشعري لم يبتدع لنفسه مذهباً ولا رأياً في الدين، بل لفت نظره (وقد أمضى شطراً من عمره وهو يتبنى أفكار المعتزلة) ما يعتقده أهل السنة والحديث، ومعهم الفقهاء المشتغلون بدراسة أحكام الشريعة، في مسائل أصول الدين، موروثةً لهم من جيل التابعين، الذين ورثوها من عهد الصحابة رضوان الله عليهم. ونظر، فرأى جمهرة علماء المسلمين وسوادهم على ذلك النهج يسيرون وبتلك المعتقدات يتمسكون؛ غير أن ظهور تلك الفرق الأخرى بخصوماتها ومجادلاتها، وانتصار كل منها لأفكاره، صرف كثيراً من الأسماع والأفكار إلى ضجيج تلك الخصومات والمناقشات، حتى عادت عقيدة أصحاب رسول الله وجمهرة المسلمين من بعدهم مغمورة داخل تلك الصراعات، وأصبحت أشبه ما تكون بالجادة العريضة التي تكاثرت عليها الأتربة والحجارة والرمال، حتى ضاعت على الناس معالمها وتاهوا عن حدودها.

فكان عمل أبي الحسن الأشعري محصوراً في إزاحة ذلك الركام عن تلك الجادة العريضة، وإبرازها جلية أمام الأنظار، ومن ثم تنبيه الناس إلى ضرورة اتباع ما عليه جماعة المسلمين منذ عصر النبوة، مدعوماً بنصوص الكتاب والسنة. وذلك تنفيذاً لوصية رسول الله من بعده باتباع الجماعة والتحذير من الشرود عن جادتها العريضة، إلى السبل التائهة المتعرجة التي نهى عن الشرود إليها بيان الله عز وجل القائل: (وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الأنعام: 153]

في الناس من يقول: فإذا كان الأمر كذلك، فلماذا تنسب عقيدة الصحابة والسلف وجمهرة المسلمين إلى شخص الإمام الأشعري؟ ولماذا يُنسَبُون جميعهم إليه فيقال عنهم: الأشاعرة، وربما نُسِبوا إليه وإلى أبي منصور الماتريدي([9])، فقيل عنهم الأشاعرة والماتريدية.

والجواب أن الإمام الأشعري هو الذي قام - من دون بقية علماء السنة والفقه - بالدفاع عن عقائدهم والتدليل عليها وتزييف ما يخالفها من بدع الفرق الأخرى. فانتشر اسمه بذلك في الآفاق وتواردت عليه المسائل من أقطار العالم فأجاب عنها، وعمت جهوده العلمية التي سميت بمذهب أهل السنة والجماعة، بلادَ العراق وخراسان والشام وبلاد المغرب، وتجاوزتها إلى أقصى بلاد أفريقية. فمن أجل هذا ارتبطت عقائد السلف، أهل السنة والجماعة، باسم الإمام الأشعري.

بل إن كل العلماء الذين كانوا في شغل شاغل عن الالتفات إلى خصومات الفرق وأفكارهم المتضاربة، لانصرافهم إلى ما هم بصدده من خدمة السنة أو التفسير أو الفقه وأصوله، أحدقوا بهذا الذي جاء نصيراً للقرآن والسنة وعقيدة السلف، وشدّوا من أزره وانتسبوا إليه. ويذكر العز بن عبد السلام أن أتباع المذاهب الأربعة يدينون بالعقيدة التي تنسب إلى الإمام الأشعري، فمنهم كافة المالكية ومعظم الشافعية والحنفية وكثير من الحنابلة. ومن لم يكن من هؤلاء من أتباع الإمام الأشعري، فهم من أتباع أبي منصور الماتريدي. كقسم من الحنفية وبعض الشافعية.


أقول: والخلاف بين الإمام الأشعري والإمام الماتريدي محصور في مسائل جزئية اجتهادية. وقد عني كثير من العلماء بجمع نثارها، فحصرها بعضهم في عشر مسائل، وجمعها ابن السبكي في ثلاث عشرة مسألة وقال: (منها معنوي ست مسائل، والباقي لفظي، وتلك الست المعنوية لا تقتضي مخالفتهم لنا ولا مخالفتنا لهم تكفيراً ولا تبديعاً، صرّح بذلك أبو منصور البغدادي وغيره من أئمتنا وأئمتهم)([10])

وأقول: لولا حاجز المسافة المكانية الشاسعة بين الإمامين، لأحالت المذاكرة والمناقشة بينهما الخلاف في هذه المسائل البسيطة إلى وفاق.

* * *

المسألة الثانية: ما المنهج الذي ألزم الإمام الأشعري نفسه به وسار عليه؟

بوسعنا أن نستخلص المنهج الذي ألزم الإمام الأشعري به نفسه، مما دوّنه في كتبه التي وصلت إلينا مثل مقالات الإسلاميين والإبانة ورسالة إلى أهل الثغر وغيرها. ونلخصه فيما يلي:
أولاً: إنه يرى أن دور العقل أمام مصدري القرآن والسنة، يتمثل في الكشف عن أنه كلام الله وأن محمداً عبده ورسوله ثم يتمثل في إدراك مضامينهما وتجلية الغوامض منهما، وإزاحة غواشي اللبس عنهما، كما يتمثل في دعم كل ما قرره بيان الله أو سنة رسوله، بالبراهين العقلية. فالعقل إذن عند الأشعري خادم لنص القرآن وصحيح السنة، وما ينبغي أن يكون حاكماً عليه. بل إنه يرى أن تسليط العقل على القرآن أو السنة بالحكم عليه لصالحه، أي لصالح العقل، يفقد العقل وظيفته عن طريق تحميله لما ليس من شأنه أن يحمله. إذ إن نصوص القرآن والسنة لا تتضمن من المعاني إلا ما يتفق مع موازين العقل، سواء ظهر لنا ذلك أم لم يظهر، والقول بخلاف ذلك ولوغ في الكفر الصريح. إذن فتسليط الاجتهادات العقلية على أيّ من نصوصهما بحكم التغيير والتأويل المجانفين لقواعد اللغة والدلالات، ليس في الحقيقة إلا إقصاء للعقل عن وظيفته، وإن أوهم في الظاهر أنه خضوع لسلطانه.

ولقد عبّر الأشعري عن مبدئه هذا بقوله في أكثر من موضع في كتابه (مقالات الإسلاميين): (ولا نقدم بين يدي الله في القول) أي لا نتجاوز كلام الله إلى ما قد يخالفه من أحكام عقولنا. لا لأننا نغلب سلطان النقل على العقل، بل لأننا نتهم أنفسنا بالتنكب عن معرفة قرار العقل، في كل ما نخالف به قرار النقل الذي هو نص القرآن وصحيح السنة
([11]).


ثانياً: لم يكن يتبسط في ممارسة علم الكلام، على النحو الذي نراه في صنيع كثير ممن جاؤوا من بعده، وإنما كان يعود إلى مسائله كلما اضطره الأمر إلى الرد على المتشدقين والمتجمّلين بها، من المعتزلة والحشوية والقدرية وأضرابهم. ولقد كانت له قدم راسخة في العلوم والمسائل الفلسفية التي ولع بها المبتدعة من أولي الفرق الجانحة، فكان ردّه عليهم بأدلتهم من الواجبات الداخلة في القاعدة القائلة (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب)، روى ابن السبكي أن الأشعري كان لا يتكلم في علم الكلام إلا حيث يجب عليه نصراً للدين ودفعاً للمبطلين([12]).

ثالثاً: يرى ضرورة الاستدلال بالحديث الصحيح، متواتراً كان أو آحاداً، والأخذ بما كان يراه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول في كتابه الإبانة (ونسلم الروايات الصحيحة عن رسول الله، التي رواها الثقات عدل عن عدل حتى تنتهي الرواية إلى رسول الله ،صلى الله عليه وسلم ولكن الكفر لا يكون إلا بإنكار ما هو متواتر ومعلوم من الدين بالضرورة([13]). ويرى أنه لا ينسخ القرآنَ إلا القرآنُ ولا ينسخ السنة إلا سنة مثلها. فإن وجدت سنة نسخت قرآناً فلا بدّ أن تجدَ مع السنة قرآناً يؤيدها. وإن وجدت قرآناً نسخ سنة فلا بدّ أن تجد مع القرآن سنة تؤيده. وهو يذهب في ذلك إلى مثل ما ذهب إليه الشافعي([14]).

رابعاً: يرى الإمام الأشعري أن أسماء الله تعالى وصفاته يُعتمد فيها على النقل من الشرع (أي النص) ولا يجوز الإتباع فيها لأقيسة اللغة. يقول: (إن طريقي في مأخذ أسماء الله الإذن الشرعي دون القياس اللغوي فأطلقت حكيماً لأن الشرع أطلقه، ومنعت عاقلاً لأن الشرع منعه. ولو أطلقه الشرع لأطلقته)([15]).

خامساً: يقرر الإمام الأشعري أن كل ما هو داخل في المتشابه من آيات الصفات والأفعال، يجب فهمه على ظاهره وتفسيره بمعناه الحقيقي دون كيف، ولا يجوز إخراج شيء منه إلى المجاز، إلا عند وجود حجة تدعو إلى ذلك. يقول جواباً عمن سأله: ما أنكرتم أن يكون قوله تعالى: (مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا) وقوله: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) على المجاز!.. يقول: (حكم كلام الله أن يكون على ظاهره وحقيقته، ولا يخرج الشيء عن ظاهره إلى المجاز إلاّ لحجة.

ألا ترون أنه إذا كان ظاهر الكلام العموم، فإذا ورد بلفظ العموم والمراد به الخصوص، فليس هو على حقيقة الظاهر، وليس يجوز أن يعدل بما ظاهره العموم عن العموم بغير حجة. كذلك قول الله عز وجل: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) على ظاهره وحقيقته من إثبات اليدين. ولا يجوز أن يُعدل به عن ظاهر اليدين إلى ما ادعاه خصومنا إلا بحجة. ولو جاز ذلك، لجاز لمدع أن يدعي ما ظاهره العموم فهو على الخصوص وما ظاهره الخصوص فهو على العموم بغير حجة. وإذا لم يجز هذا لمدعيه بغير برهان، لم يجز لكم ما ادّعيتموه)
([16])



من تطبيقات هذا المنهج:
نذكر من ذلك نماذج، إذ لن يتاح لنا تجاوزها واستقصاء بنيان العقيدة الإسلامية المرتكز على هذا المنهج، في هذه الورقة التي التزمت فيها الاختصار والتلخيص.

* فمن تطبيقات هذا المنهج، ما قرره الإمام الأشعري متّبعاً في ذلك جمهور المسلمين، أهل السنة والجماعة من (أن الله سبحانه يُرى بالأبصار يوم القيامة، كما يُرى القمر ليلة البدر، يراه المؤمنون ولا يراه الكافرون)

وقرار الأشعري هذا مستند إلى حكم العقل القاضي بأن محمداً رسول الله وأنه صادق فيما قال عن نفسه من أنه يوحى إليه من قبل الله بشرع وأنباء، والأدلة العقلية على ذلك مبسوطة في أماكنها. ثم أصغينا إلى هذا الذي يقوله وحياً من عند الله، فإذا فيه قوله عز وجل: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ)[القيامة: 22-23] وإذا فيه قوله عن الكافرين عقاباً لهم: (كلا َلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ)[المطففين: 15] فكان من قرار العقل تصديق هذا الذي جاء وحياً من عند الله.

ثم إن منهجه القاضي بتفسير الألفاظ الواردة في القرآن والسنة بظاهرها الحقيقي، وعدم الشرود بها إلى المعاني المجازية ما أمكن ذلك، أوجب تفسير كلمة (ناظرة) بمعناها الحقيقي لا صرفها إلى المجاز عن طريق تأويلها بمنتظرة، وأوجب تفسير كلمة (محجوبون) بأنهم محجوبون عن رؤية الله عز وجل خلافاً للمؤمنين الصالحين الذين لن يحجبوا عن التمتع برؤيته.

إذن فمخالفة الإمام الأشعري للمعتزلة في هذه المسألة، إنما هي استجابة منه لقرار العقل وحكمه وإن بدا في وهم المعتزلة وذيولهم أنه تجاهل للعقل رعايةً لما يقضي به النص.

إن العقل، بعد أن قرر أن القرآن كلام الله الموحى به إلى رسوله، لا بدّ أن يجزم بصحة ما ينطق به كلامه، إذ مما لا ريب فيه أن الله قادر على أن يمتّع عباده برؤيته بأبصارهم، وها هو قد وعد بذلك. وإخراج الكلام بعد ذلك عن حقيقته الدالة على هذه الرؤية إلى المجاز الذي ينفيها، مشاكسة لكل من العقل والنص معاً.
والخلاصة أن الإمام الأشعري يبدأ رحلته العلمية مع العقل، ثم إن العقل يسلمه إلى النص الذي أيقن أنه كلام الله أو كلام رسوله، ثم إنه يستعين بالعقل للوقوف على مضامينه ومعانيه، متخذاً من قواعد الدلالات العربية مفتاحاً لبلوغ ذلك. وهذا هو الأمر الموجه من الله إلى عباده: أن يتعاملوا مع العقل في كل ما يُدْعَوْن إليه. وصدق الله القائل: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)[الإسراء: 36]

* ومن نماذج هذه التطبيقات التزامه الدقيق بما قرره في منهجه الذي لخصناه، من أخذه بمصطلحات القرآن وعدم تجاوزه لها. ألم يقل: (ولا نقدم بين يدي الله في القول) وقد علمنا أنه ألزم نفسه بذلك مخافة أن يوقعه التجاوز في الزغل، فيتنكب بذلك عن قرار العقل ذاته، إذ إن نص البيان الإلهي هو المصباح الهادي إلى قرار العقل عندما يكون صافياً عن الشوائب.

فمن ذلك إتباعه للنص القرآني القاضي بالفرق بين رضا الله وإرادته. فقد قال عز وجل (وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ)[الزمر: 7]، فدل على أن الكفر ليس من مرضيات الله عز وجل. وقال (وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئاً أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ)[المائدة: 41]، فدل على أن قذارة قلوب الكافرين بكفرهم من مرادات الله عز وجل .. فإرادة الله عز وجل إذن أعم من رضاه .. وأي مخالفة لهذا الذي دلّ عليه بيان الله، تقدُّمٌ بين يدي الله، وعليه، في القول وسبْقٌ عليه في القرار والحكم([17]).

ومن ذلك الوقوف عند قرار الله القائل بتخليد الكافرين في العذاب، وتخليد المؤمنين في النعيم، وعدم تجاوز ما دلّ عليه قرار البيان الإلهي هذا، بأي تأويل أو تفسير مخالف أو إضافة .. فأنكر على القائلين بفناء النار، وأنكر على القائلين بنحو ذلك. إذ إن ذلك منهم تقييد للمطلق في كلام الله دون وجود مقيد، أو تخصيص لعموم الأزمنة دون وجود مخصص .. ومن استند في ذلك إلى العقل، فقد قضى بأن العقل هو الحاكم على كلام الله، يغيّر فيه ويبدل منه. وهيهات أن يكون للعقل سلطان على البيان الإلهي الصريح في بيانه والقاطع في دلالته. ولقد أثنى الله على ملائكته بأنهم لا يسبقونه بالقول، فدلّ ذلك على بغضه عز وجل لمن يسبقونه بالقول، أي لمن يخبرون عنه بما لم يقله، أو بخلاف ما قاله([18]).

ومن ذلك وقوفه عند المصطلح القرآني (الكسب) وإيثاره لاستعمال هذه الكلمة على استعمال مصطلح الاختيار أو القصد والعزم الذي جنح إليه الآخرون.

إنه ألزم نفسه بهذا المصطلح، لأنه المصطلح الوارد متكرراً في القرآن تعبيراً عن مصدر استحقاق الإنسان للجزاء في أفعاله، وهو القصد والعزم. إذن فكلمة (الكسب) في القرآن لا تعني الفعل، كما قد توهم البعض، والدليل على ذلك قوله عز وجل: (وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ)[البقرة: 225]، فقد نسب الكسب إلى القلوب، وإنما تقف وظيفة القلوب عند حدّ القصد والعزم .. وقد استقام بهذا الالتزام من الإمام الأشعري الدليل القاطع الذي واجه به المعتزلة على أن الجزاء يوم القيامة ليس على الأفعال التي هي من خلق الله وبقدرته، وإنما هو على الكسب الذي هو عزم الإنسان وقصده، والذي ورد في أكثر من عشر آيات في القرآن.


هل القول بالكسب نظرية؟ وهل الإمام الأشعري مخترع لها؟

في الكتّاب المحدَثين من جعل الإمام الأشعري صاحب نظرية اخترعها ونادى بها، ألا وهي ما سماه بنظرية الكسب!!.. وكأن القرآن غير مليء بالآيات التي تردد كلمة (الكسب) وتعلن عن تحمل الإنسان لنتائج كسبه. من هؤلاء الأستاذ صالح الزركان الذي قرّر تبعاً لأستاذه الدكتور محمود قاسم نسبة هذه (النظرية) إلى الأشعري قائلاً: (ومن أجل ما بين مذهبي الجبرية والمعتزلة من التعارض، وما فيهما من العيوب، حاول أبو الحسن الأشعري أن يجمع بينهما وأن يتخلص في الوقت نفسه من الجبر المطلق والحرية المطلقة، فأتى بنظرية الكسب)([19])

والعجيب أنه عاد فقال: (ولكن يبدو لي أن النظرية أقدم منه، إذ وجدت أبا جعفر الطحاوي (228-321هـ) يقول في رسالته المسمّاة الاعتقاد في أصول الدين: ((وأفعال العباد بخلق الله وكسب من العباد))، والأعجب من هذا أن الأستاذ الزركان عثر على الكسب وكونه مناط الأجر في أفعال الإنسان، لدى الطحاوي الذي هو أسبق من الإمام الأشعري، ولم يعثر على ذلك في كتاب الله القائل: (كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ)[المدثر:38]، والقائل: (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ)[البقرة: 286]، والقائل: (وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ)[البقرة: 225]

ولو أن كلاً من الزركان وأستاذه رحمهما الله وقف على هذه الآيات وأمثالها متأملاً فيما تعنيه كلمة الكسب، بعد وقوفه على الآيات الكثيرة التي تنص على أن الله هو خالق كل شيء بما فيه الإنسان وفعله، إذن لما سمّى هذه الحقيقة القرآنية نظرية، ولما ردد اختراعها - على حدّ تعبيره، بين أبي الحسن الأشعري وأبي جعفر الطحاوي.

* ومن هذه النماذج، التطبيقات الكثيرة لما ألزم نفسه به من تفسير آيات الصفات بمعانيها الحقيقة دون كيف، إلا عند وجود الحجة الصارفة للحقيقة إلى المجاز. إن هذا يعني أن المجاز ليس مبعداً ألبتّةَ عن آيات الصفات وسائر الآيات المتشابهة. وإنما الأمر تابع في ذلك لما يقرره الدليل. فإن غاب الدليل الملجئ إلى المجاز، فذلك يعني الرجوع إلى الأصل وهو الأخذ بالحقيقة دون القول بالكيف، وهو المصير الذي لا محيد عنه. وإن ظهر أمامنا الدليل الملجئ إلى المجاز، فذلك هو المصير الذي لا محيد عنه إذن, والحقيقة عندئذ هي الغائبة.

ينبني على هذا الكلام أن في آيات الصفات ما لا حجة فيه على التأويل، وفيها ما ثبتت فيه الحجة بالإجماع على ضرورة التأويل، وفيها ما كانت الحجة فيه محل اجتهاد ونظر..
فأما ما لا حجة فيه على التأويل، فيجب فهمه على ظاهره وحقيقته دون إلحاق أي كيف بذاته عز وجل، ذلك هو قرار الإمام الأشعري وهو مذهب السلف وأهل السنة والجماعة، وقد ضرب الأشعري لذلك أمثلة في كتابه الإبانة ومقالات الإسلاميين.

وأما ما ثبتت الحجة فيه بالإجماع على ضرورة التأويل، فمن أمثلته قوله عز وجل خطاباً لنبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا)[الطور:48] فقد تم الإجماع على أن كلمة الأعين لا تصلح لأن تكون ظرفاً للنبي صلى الله عليه وسلم لا من حيث الإمكان العقلي ولا من حيث الواقع الفعلي، إذن فلا بدّ من صرف (الأعين) إلى معنى الحماية والرعاية، ولا يتأتى الاختلاف في ذلك قط. ومن أمثلته الوجه في قوله تعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)[القصص: 88] فلا يتأتى تفسير الوجه بمعناه الحقيقي الذي هو جزء من الذات، ولكن وقع الخلاف في المجاز الذي يجب أن يؤول إليه.

وأما ما كان وجود الحجة فيه محل نظر وخلاف، فكثير، وقد ذكر الإمام البيهقي في كتابه (الأسماء والصفات) طائفة منها، وفي تفسير الإمام الطبري فيض منها، وقد أطال الإمام الخطابي في معالم السنن في بيان العوامل التي دعت إلى الخلاف في تأويل بعض المتشابه من الوارد في القرآن والصحيح من السنة.
وها أنا أذكر لك بعضاً مما اختلف السلف فيه: أيؤوّل أم لا.

فمن ذلك ما صح من تأويل الإمام أحمد لـ"جاء" في قوله تعالى: (وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً)[الفجر:22]،بمعنى وجاء أمر ربك مستدلاً على ذلك بقوله تعالى: (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ)[النحل: 32]([20])

ومن ذلك ما رواه البيهقي عن حماد بن زيد، من تأويله لنزول الله إلى السماء الدنيا، الوارد في أحاديث النزول، بإقباله جل جلاله على عباده([21]).

ومن ذلك ما رواه ابن تيميه رحمه الله عن الضحاك من تأويله (الوجه) في قوله تعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ)[القصص: 88] بذاته تعالى والجنة والنار والعرش([22]).

ومن ذلك قوله تعالى (وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ)[البقرة: 115]، فقد حكى المزني عن الإمام الشافعي أنه قال في هذه الآية: يعني والله أعلم فثم الوجه الذي وجّهكم الله إليه. وذهب مجاهد، فيما رواه البيهقي عنه، إلى أن المراد بالوجه في الآية قبلة الله، أي فأينما كنت في شرق أو غرب فلا تتوجه إلا إليها([23]).

أقول: لم أعثر على خلاف عند علماء السلف في تأويل الوجه في هذه الآية، فهم متفقون على إخراجها من الحقيقة إلى المجاز، ولكنهم اختلفوا في المجاز الذي ينبغي صرفها إليه، كما مرّ بيانه.

ومن ذلك قول رسول الله فيما أخرجه البخاري ومسلم (لقد ضحك الله الليلة من فعالكما) فقد أوّل البخاري الضحك بالرحمة
([24]).


فهذه المواقف التابعة للحالات الثلاث، مندرجة في المنهج الذي ألزم به الإمام الأشعري نفسه، وهو تفسير المتشابه من آيات الصفات وأحاديثها، بالمعنى الحقيقي إلا عند وجود حجة تدعو إلى التأويل. وهي في مجموعها صورة أمينة ودقيقة للنهج الذي كان عليه سلف هذه الأمة، أهل السنة والجماعة.

* * *

المسألة الثالثة: النتائج التي أفرزها دفاع الإمام الأشعري عن العقيدة الإسلامية التي تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعده نقية صافية ظاهرها كباطنها لا يتيه عنها إلا زائغ، والتي اجتمع على التمسك بها أهل السنة والجماعة، سواء منها ما ظهر في عصره أو برز من بعده.

نلخص هذه النتائج فيما يلي:

أولاً: كان جمهور أهل السنة والجماعة من علماء التفسير والحديث والفقه، منصرفين إلى علومهم، معرضين عن ضجيج الفرق الإسلامية الشاردة عن الحق، مبتعدين عن خصوماتهم، حتى غدت عقيدة أهل الكتاب والسنة مغمورة ومحجوبة في ضجيج تلك الفرق وصراعات ما بينها. فلما قيض الله من الإمام الأشعري نصيراً للحق الذي كان عليه سواد الأمة الإسلامية، وفي مقدمتهم المحدّثون والمفسرون والفقهاء، أحدق به أهل الحق واتخذوا منه نصيراً للحق الذي ورثوه من أصحاب رسول الله، بعد أن كانوا مبتعدين عن ساحات الخصومات العقائدية، وامتدت جسور التواصل بينه وبين فقهاء المذاهب، واشتدت آصرتهم به، وساروا على نهجه الذي كان هو نهجهم من قبله، ولكن دون رسم وبيان وإعلان([25]).

والمهم أن أياً من أهل الحق وأئمة الفقه والحديث، لم يقف منه موقف الناقد أو المخاصم بمن فيهم الحنابلة والحنفية على الرغم من أن كثيراً منهم كانوا أتباعاً للإمام أبي منصور الماتريدي، وسبب ذلك أن نقاط الخلاف بين الإمامين كانت قليلة، وكان الخلاف في معظمها لفظياً أو اجتهادياً([26]).

ثانياً: في الوقت الذي أحدق به أهل الحق أتباع الكتاب والسنة، مؤيدين ومتبعين، وقف منه المعتزلة الذين كان الإمام الأشعري منهم، ثم تحول عنهم وكشف عن عوارهم، موقف المخاصم، بل الحاقد المعادي. فأوسعوه افتئاتاً، واختلقوا عليه من الأباطيل ما هو منه بريء، وشوّهوا الحقائق التي كان يجليها ببياناته العلمية الدقيقة، وراحوا يتعمدون تنكيسها على لسانه.

من ذلك ما اختلقوه ونسبوه إليه، من أن الله لا يجازي المطيعين على إيمانهم وطاعاتهم، وأنه عز وجل لا يعذب الكفار والعصاة على كفرهم ومعاصيهم. وإنما استخرجوا هذه الأكذوبة عليه من قوله راداً عليهم: إن الله تعالى لا يجب عليه شيء إذ الخلق خلقه، والملك ملكه، والحكم حكمه، فله أن يتصرف في عباده بما يشاء([27]).

ومن ذلك أنهم نسبوا إليه نقيض ما اهتم به وخلاف الدور الذي قام به من قطع دابر الغنوصية وصرف أذهان المسلمين عنها والتحذير من الركون إليها والاستسلام لها. فقد ألصقوا به نقيض ذلك من تهمة التأثر بالغنوصية والدعوة إليها.

وسبب ما دعاهم إلى ذلك تحذيره في أكثر من مناسبة، من الاستدلال على الحق الذي جاء به الرسل والأنبياء، بغير القرآن والسنة، وتحذيره من الركون إلى الأدلة الفلسفية وما أصبح يسمى بعلم الكلام إلا بقدر الضرورة. ومن المعلوم أن التعامل بالفلسفة وعلم الكلام هي البضاعة الأولى للمعتزلة في نطاق الاستدلال. ونظراً إلى أن الإمام الأشعري استخف ببضاعتهم هذه وحذر منها، فقد كان لا بدّ لهم أن يتهموا الأشعري باللاعقلانية والاعتماد فيما يعتقد ويدعوا إليه على الكشف والإلهام والحدس، بعيداً عن موازين العلم والنظر. وذلك هو شأن الغنوصيين والسبيل إلى معتقداتهم([28]).

ثالثاً: ظهر بعد وفاة الإمام الأشعري بعض المتطرفين، وأكثرهم من الحنابلة، ساقهم الجهل وحملتهم العصبية على مخالفة أصول مذهبهم أولاً، فخرجوا من إجماع جمهرة المسلمين أهل السنة والجماعة، لاسيما في آيات الصفات، ثم إنهم ناصبوا أبا الحسن الأشعري العداء، واختلقوا أموراً نسبوها إليه لم يقل بها قط، واخترعوا على لسانه أقاويل ثبت في كتبه القول بنقيضها، وسمّوا أنفسهم ترويجاً لشبهاتهم وستراً لغلوهم وتطرفهم بأنصار السلف.

ومن أبرز ما يدل على تخبطهم ومخالفتهم للسلف، أن أبا الحسن الأشعري كان واحداً من عيون السلف، وأن أياً من أقطاب السلف ورجاله الذين كانوا في عصره لم يخالفه في شيء مما ذهب إليه، بل وجدوا فيه نصيراً للحق الذي كانوا متمسكين به، داعياً إلى الاهتداء بالكتاب والسنة ونبذ كل ما يخالفهما من البدع والفلسفات المستحدثة، ولم يكن في حنابلة ذلك العصر من يخالفه في الرأي فضلاً عن أن يناصبه العداء .. إذن فوقوف هؤلاء الذين جاؤوا من بعده موقف العداء منه، إنما هو في الحقيقة مخاصمة ومعاداة لكل أولئك الذين اتبعوه ووقفوا منه موقف الاغتباط والتأييد من أئمة الحديث والتفسير والمذاهب الفقهية ومنهم الحنابلة، وهل السلف الصالح إلا أولئك الرجال؟


وقد انبرى للرد عليهم والكشف عن جنوحهم عن نهج السلف وضوابط الكتاب والسنة، كثير من أئمة الدين وأنصار السنة، ولعل خير من كتب في الرد عليهم والدفاع عن الإمام الأشعري ابن عساكر رحمه الله وذلك في كتابه: (تبيين كذب المفتري فيما نُسب إلى الإمام الأشعري) ومن أفضل ما ظهر أخيراً في الموضوع ذاته كتاب: (براءة الأشعريين)، فهو كتاب علمي جليل أخرجه مؤلفه رحمه الله في مجلدين.

رابعاً: ذهب بعض الفضلاء إلى أن في الأشاعرة الذين جاؤوا بعد أبي الحسن الأشعري من خالفوه في نهجه، فأوّلوا كثيراً من آيات الصفات ولم يذهب هو إلى تأويلها، واعتمدوا في كثير من مسائل العقيدة على علم الكلام واسترسلوا في التعامل به دونما حاجة، وكان منهجه الوقوف عند دلائل القرآن والسنة، وعدم الاستعانة بالفلسفة وعلم الكلام إلا بالقدر الذي تدعو إليه الحاجة أو الضرورة.

أقول: لعل هذا الذي ذهب إليه بعض الكاتبين غير دقيق.
فإن علماء العقيدة من أهل السنة والجماعة (الأشاعرة) لم يخالفوا أبا الحسن الأشعري في شيء من منهجه الذي أخذ نفسه به، وإنما خالفوه في جزئيات اجتهادية لم تخرج في مجموعها عن منهجه. لقد كان من منهجه أن كل ما هو داخل في المتشابه من آيات الصفات والأفعال، يجب فهمه على ظاهره وتفسيره بمعناه الحقيقي دون كيف، ولا يجوز إخراج شيء منه إلى المجاز إلا عند وجود حجة تدعو إلى ذلك، وقد سبق بيانه. وهذا ما تمسك به العلماء الذين جاؤوا من بعده، من أمثال الباقلاني والرازي والغزالي .. ولكنهم اختلفوا عنه في تطبيق بعض الجزئيات على منهجه هذا، فربما لم ير فيها حجة تدعو إلى التأويل، في حين أن في العلماء الذين جاؤوا من بعده سائرين على نهجه، من رأى أن فيها حجة تدعو إلى التأويل. ولا شك أن الاجتهاد بلعب دوراً كبيراً في رؤية الحجة أو عدمها.

ومن المستبعد أن يحصر الإمام الأشعري حق الاجتهاد في البحث عن الحجة وفهمها، في شخصه هو دون غيره.

على أن اختلاف الزمن والظروف الثقافية والحضارية، يعدّ دليلاً من الأدلة الاجتهادية لمعرفة وجود أو عدم وجود الحجة الداعية إلى التأويل، إلى جانب سائر الأدلة الأخرى. وإذا تم الالتزام بالمنهج، فإن الاتفاق الحرفي مع اجتهادات الإمام الأشعري في فهم آيات الصفات وغيرها، لا موجب له ولا ملزم به. فإن الأسباب والظروف والدلائل قد تختلف مابين مجتهد وآخر، فضلاً عن الاختلاف الذي يفرض نفسه ما بين عصر وآخر.

ولعلّ أول من لاحظ أثر اختلاف الزمان في إبراز الحجة الداعية إلى التأويل، الإمام الخطابي الذي يعدّ من أعيان علماء النصف الأول من القرن الرابع، فهو الواسطة بين عصري السلف والخلف. يقول رحمه الله في كتابه معالم السنن، عند شرحه للحديث الذي رواه الشيخان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث أنس بن مالك، أنه قال: (لا تزال جهنم تقول هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها قدمه فتقول: قطِ قطِ، ويزوي بعضها إلى بعض. ولا يزال في الجنة فضل، حتى ينشئ الله خلقاً فيُسكِنَه فضول الجنة) يقول أبو سليمان الخطابي رحمه الله في شرحه لهذا الحديث:
(كان أبو عبيد، وهو أحد أئمة أهل العلم، يقول: نحن نروي هذه الأحاديث ولا نريغ لها المعاني)، قال أبو سليمان: (ونحن أحرى بأن لا نتقدم فيما تأخر عنه من هو أكثر علماً وأقدم زماناً وسناً. ولكن الزمان الذي نحن فيه قد صار أهله حزبين: منكر لما يُروى من هذه الأحاديث رأساً ومكذِّب به أصلاً، وفي ذلك تكذيب للعلماء الذين رووا هذه الأحاديث، وهم أئمة الدين ونَقَلَةُ السُنن والواسطة بيننا وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، والطائفة الأخرى مسلّمة للرواية فيها، ذاهبة في تحقيق الظاهر منها مذهباً يكاد يفضي بهم إلى القول بالتشبيه. ونحن نرغب عن الأمرين معاً، ولا نرضى بواحد منهما مذهباً، فيحق علينا أن نطلب لما يرد من هذه الأحاديث - إذا صحت، من طريق النقل والسند - تأويلاً يخرَّج على معاني أصول الدين ومذاهب العلماء، ولا تبطل الرواية فيها أصلاً، إذا كانت طرقها مرضية ونقلتها عدولاً).

ثم قال أبو سليمان: ( وذِكْرُ القدم ههنا يحتمل أن يكون المراد به من قدّمهم الله للنار من أهلها، فيقع بهم استيفاء عدد أهل النار. وكل شيء قدّمتَه فهو قدم، كما قيل لما هدّمته هدْمٌ ولما قبضته قبض. ومن هذا قوله عز وجل: (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ)[يونس: 2] أي ما قدموه من الأعمال الصالحة) ([29])
أقول: وسواء أوَافق أبو الحسن الأشعريُّ الخطابيَّ على هذا التأويل لكلمة (القدم) أم لم يوافقه، فإن منهج أبي الحسن ينسحب على هذا الاجتهاد الذي أخذ به الخطابي، لما سبق أن أوضحت.

بل إني على يقين بأن أبا الحسن الأشعري وأقرانه من أئمة السلف، لو كان في قضاء الله أن يعيشوا في القرون التالية لهم، لوجدوا أمامهم من الأدلة الجديدة على ضرورة التأويل ما يحملهم على تأويل الكثير من المتشابه إن في القرآن أو صحيح السنة. ولو كان في قضاء الله أن يعيش أمثال الغزالي والرازي والباقلاني في العصور المتقدمة مع أئمة السلف، إذن لضاقت أمامهم المساحة التي تسمح بالتأويل ولتناقصت الأدلة الموجبة له، ولوقفوا في تفسير هذه الآيات والأحاديث عند ظاهر دلالالتها الحقيقية دون تكييف ولا تشبيه.

إذن فالجامع المشترك بين السلف والخلف من أهل السنة والجماعة هو الالتزام بالمنهج الذي ألزم به الإمام الأشعري نفسه وسار عليه في الدفاع عن بنيان العقيدة الإسلامية، ضد الفرق التي تكاثرت تكاثر الثآليل على الجسم السليم السوي، فالكل، بمن فيهم الإمام أبي منصور الماتريدي، كانوا سائرين على هذا المنهاج الجامع، ولم تكن خلافاتهم الاجتهادية إلا داخل مساحته وتحت سلطانه.

وأما القول بأن في أئمة أهل السنة والجماعة الذين كانوا في عصر الخلف من استرسل في الاعتماد على علم الكلام وربما تجاوز إلى تحكيم الرؤى والمسائل الفلسفية، في مجال البحث في العقائد، فالذي أراه هو أن الواقع يشهد بذلك. وقد كان الأولى تجنيب مسائل العقيدة الإسلامية مخاضة الفلسفة وأوهامها. وكان الأولى عدم الاستعانة بعلم الكلام إلا عندما تقتضيه الحاجة أو تلجئ إليه الضرورة.

على أن أكثر الذين دخلوا معترك علم الكلام، لم يدخلوه دخول المبتدئ الذي يرغب أن يعزز حقائق العقيدة الإسلامية، بالأفكار والقوانين الفلسفية، وإنما ردوا بها على المبطلين الذين اتخذوا من أوهام الفلاسفة أدلة لدعم باطلهم. وهذا ما فعله الغزالي والرازي وآخرون.

خامساً وأخيراً: كان من أبرز النتائج لهذا الذي وفّق الله له أبا الحسن الأشعري، من وقوفه الجهاديّ ضد المبتدعة وتياراتهم الفكرية التائهة عن هدي القرآن والسنة، وانتصاره للحق الذي ترك رسول الله أصحابه عليه، أن خمدت جذوة تلك الفرق ومنيت بالهزيمة الفكرية، وفي مقدمتها المعتزلة الذين أتيح لهم أن يهيمنوا على الفكر الإسلامي ردحاً من الزمن، فبادت تلك الفرق شيئاً فشيئاً بعد أن سادت. ولم يكن سبيل ذلك خنقاً للحريات ولا إسكاتاً للألسن ولا تجريماً للأفكار. وإنما كان سبيل ذلك الحوارَ العلميَ المتحررَ عن أسبقيات العصبيات المذهبية والأحقاد النفسية والمغانم الدنيوية. وشاء الله تعالى أن يكون أبو الحسن الأشعري هو رائد الحوار، وهو قائد الدعوة إلى تحكيم العلم، والرجوع إلى هدي القرآن والسنة، فكان في إقبال أئمة التفسير والحديث والفقه وأتباعهم عليه، وفي دعمهم له وسيرهم وراءه ما أعاد منهج أهل السنة والجماعة وتيارهم إلى البروز وفاعلية الحكم والتوجيه.

* * *

واليوم.. ليس بيننا وبين أن يعود هذا التيار .. تيار أهل السنة والجماعة الواحد والموحد، إلى البروز والفاعلية وجمع الكلمة، سوى أن تصمت العصبيات وينطق العلم صافياً عن الشوائب، وأن يتحكم الإخلاص لله عز وجل، ويغيب ميزان الأهواء والمصالح، فنسألك اللهم أن تحررنا من عصبيات أنفسنا، وأن تغرس نعمة الإخلاص لوجهك في قلوبنا، إنك ولينا وإليك يرجع الأمر كله والحمد لله رب العالمين.


(1) مقالات الإسلاميين: ص297، طبعة جمعية المستشرقين الألمانية.

(1) المرجع السابق: ص211.

(2) المرجع ذاته: ص217.

(3) في الناس من يبعث الريب في نسبة كتاب (الإبانة) أو بعض ما فيه إلى الأشعري. وجلّ ذلك موجود في كتابه مقالات الإسلاميين. وليس في الناس من يرتاب في نسبته إلى الأشعري.

(4) تبيين كذب المفتري: ص112و113.

(5) طبقات الشافعية: 3/365.

(1) وفيات الأعيان: 2/362.

(2) شذرات الذهب: 2/303.

(1) هو محمد بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي، نسبة إلى ماتريد ضاحية من سمرقند من بلاد ما وراء النهر. توفي عام: 268هـ.

(1) طبقات الشافعية: 3/378.

(1) انظر مقالات الإسلاميين. ص:211.

(2) انظر: رسالة إلى أهل الثغر: ص124 وما بعدها، مقدمة ابن خلدون: ص226، طبعة بولاق، طبقات الشافعية لابن السبكي: 3/350.

(3) مقالات الإسلاميين: ص290، الإبانة: ص8-9، رسالة إلى أهل الثغر: ص83.

(1) مقالات الإسلاميين: ص479.

(2) من مناظرة بين الإمام الأشعري وأبي علي الجبائي. انظر طبقات الشافعية: 3/357.

(3) انظر طبقات الشافعية: 3/359.

(1) انظر طبقات الشافعية: 3/358، مقالات الإسلاميين: ص294 وص418 وما بعدها، ورسالة إلى أهل الثغر: ص169. طبعة دمشق.

(2) انظر طبقات الشافعية: 3/358، مقالات الإسلاميين: ص148-149.

(1) فخر الدين الرازي وآراءه الكلامية والفلسفية: ص524، وانظر: الإنسان مسير أم مخير: ص66 لكاتب هذا البحث.

(1) الأسماء والصفات للبيهقي: ص292.

(2) المرجع السابق: ص456.

(3) مجموعة فتاوى ابن تيمية: 2/428.

(4) الأسماء والصفات: ص309.

(5) انظر: فتح الباري: 7/82، والأسماء والصفات: ص470.

(1) انظر: مقدمة الشيخ زاهد الكوثري لكتاب تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري: ص9-17، وكتاب المذاهب الإسلامية للشيخ أبو زهرة: ص265، وشذرات الذهب لابن العماد: 2/303.

(2) جمع ابن السبكي هذه المسائل الخلافية بينهما في ثلاث عشرة مسألة، وللشيخ زاده رسالة أسماها: (نظم الفرائد وجمع الفوائد في بيان المسائل التي وقع فيها الاختلاف بين الماتريدية والأشعرية في العقائد)، وقد ذكرت أهمها في كتابي: (المذاهب التوحيدية والفلسفات المعاصرة)، ولولا بعد المكان الذي فرق بين الإمامين، لانتهيا من هذه المسائل إلى وفاق.

(1) انظر: طبقات الشافعية لابن السبكي: 3/414.

(2) نشأة الفكر الإسلامي للدكتور علي سامي شنار: 1/171، ورسالة إلى أهل الثغر: ص120 وما بعدها.

(1) معالم السنن بشرح سنن أبي داود: 5/95، طبعة حمص.
الوهابية أتباع ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب يقولون
الوهابية يشبّهون الله بالبشر وxXxX يقولون: الله جالس على الكرسي انظر كتابهم "فتح المجيد" لعبد الرحمن بن حسن ابن محمد بن عبد الوهاب ص/356، مكتبة دار السلام. الرياض.
قال ابن باز: نفي الجسمية* والجوارح والأعضاء عن الله من الكلام المذموم كتابه "تنبيهات في الرد على من تأول الصفات" ص/19، الرئاسة العامة للإفتاء، الرياض.
قال ابن باز: الله فوق العرش بذاته انظر مجلة الحج سنة 49 جزء 11 عام 1415هـ، مكة ص/73-74.
الوهابية يقولون: أبو جهل وأبو لهب أكثر توحيداً لله وأخلص إيماناً به من المسلمين الذين يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ويتوسلون بالأولياء والصالحين انظر كتابهم: "كيف نفهم التوحيد" لمحمد باشميل، ص/16 الرياض، السعودية.
قال صالح بن فوزان: الأشاعرة والماتريدية لا يستحقون أن يلقبوا بأهل السنة والجماعة انظر كتابه "من مشاهير المجددين في الإسلام: ابن تيمية ومحمد ابن عبد الوهاب" ص/32 الرئاسة العامة للإفتاء، الرياض.
الوهابية يقولون كذباً: الأشاعرة كثيرون من أهل السنة كفّروهم انظر كتابهم "فتح المجيد" لعبد الرحمن حسن بن محمد بن عبد الوهاب، ص/352. مكتبة دار السلام، الرياض.
الوهابية يقولون: ءادم ليس نبياً ولا رسولاً انظر كتابهم "الإيمان بالأنبياء جملة" لعبد الله بن زيد المكتب الإسلامي، بيروت.
قال ابن باز: هذا الكلام شرك انظر كتابهم "كيف اهتديت إلى التوحيد" لمحمد جميل زينو، ص83 و89، دار الفتح، الشارقة.
الوهابية أعداء الله ورسوله يقولون: النار تفنى وينتهي فيها عذاب الكفار انظر كتابهم "القول المختار لفناء النار" لعبد الكريم الحميد، ص/7، السعودية-الرياض، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (أثنى على كتابه ابن باز) ص/427، المكتب الإسلامي-بيروت.
الوهابية يقولون: الله خلق بشراً على صورتنا يشبهنا (أي مرادهم عن الله أي على زعمهم يشبه الله وعلى صورة الله) انظر كتابهم "عقيدة أهل الإيمان في خلق ءادم على صورة الحمن" لمحمود التويجري (أثنى ابن باز على كتابه) ص/76 دار اللواء-الرياض.
الوهابية يقولون: هذا من ابتداع الجاهلين وخروج عن الذكر الشرعي إلى ذكر يشرك بالله انظر كتابهم "حلقات ممنوعة" لحسام العقاد ص/25 دار الصحابة طنطا.
الوهابية يقولون: حاربوا الصوفية قبل أن تحاربوا اليهود فإنها روح اليهودية والمجوس انظر كتابهم "المجموع المفيد من عقيدة التوحيد" ص/102 مكتب دار الفكر، الرياض.
الوهابية يقولون: من فسَّر استوى باستولى فهو كافر انظر كتابهم "حلقات ممنوعة" لحسام العقاد، ص/26 دار الصحابة، طنطا.
الوهابية يقولون: الله استقر على العرش انظر كتابهم "نظرات وتعقيبات على ما في كتاب السلفية" لصالح الفوزان ص/40 دار الوطن الرياض.
قال العثيمين: الكرسي موضع قدمي الله انظر كتابه "تفسير ءاية الكرسي" ص/19، مكتبة ابن الجوزي.
الوهابية يشبهون الله بالبشر والبهائم يقولون: الله جالس على الكرسيّ كتابهم: فتح المجيد لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب ص356، مكتبة دار السلام، الرياض
قال ابن باز: نفي الجسمية والجوارح والأعضاء عن الله من الكلام المذموم كتابه: "تنبيهات في الرد على من تأول الصفات" ص 19، الرئاسة العامة للإفتاء، الرياض
قال ابن باز: الله فوق العرش بذاته مجلة الحج سنة 49 جزء 11 عام 1415 هـ مكة، ص73-74
الوهابية يقولون: أبو جهل وأبو لهب أكثر توحيدًا لله وأخلص إيمانًا به من المسلمين الذين يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله ويتوسلون بالأولياء والصالحين كتابهم "كيف نفهم التوحيد" لمحمد باشميل ص 16 الرياض، السعودية
قال صالح بن فوزان: الأشاعرة والماتريدية لا يستحقون أن يلقبوا بأهل السنة والجماعة كتابه "من مشاهير المجددين في الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب" ص 32 الرئاسة العامة للإفتاء، الرياض
الوهابية يقولون كذبًا: الأشاعرة كثيرون من أهل السنة كفّروهم كتابهم "فتح المجيد" لعبد الرحمن حسن بن محمد ابن عبد الوهاب، ص353 مكتبة دار السلام، الرياض
الوهابية يقولون: ءادم ليس نبيًّا ولا رسولاً كتابهم "الإيمان بالأنبياء جملة" لعبد الله بن زيد، المكتب الإسلامي، بيروت
قال ابن باز: هذا الكلام شرك كتابهم :"كيف اهتديت إلى التوحيد" لمحمد جميل زينو، ص83 و89، دار الفتح، الشارقة
الوهابية أعداء الله ورسوله يقولون: النار تفنى وينتهي فيها عذاب الكفار كتابهم: القول المختار لفناء النار، لعبد الكريم الحميد ص7. السعودية الرياض وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (وأثنى على كتابه ابن باز) ص427، المكتب الإسلامي، بيروت
الوهابية يقولون: الله خلق بشرًا على صورتنا يشبهنا (مرادهم عن الله أي على زعمهم يشبه الله وعلى صورة الله). كتابهم: عقيدة أهل الإيمان في خلق ءادم على صورة الرحمن، لمحمود التويجري (أثنى ابن باز على كتابه) ص76 دار اللواء، الرياض.
الوهابية يقولون: هذا من ابتداع الجاهلين وخروج عن الذكر الشرعي إلى ذكر يشرك بالله كتابهم "حلقات ممنوعة" لحسام العقاد ص25، دار الصحابة، طنطا
الوهابية يقولون: حاربوا الصوفية قبل أن تحاربوا اليهود فإنها روح اليهود والمجوس كتابهم "المجموع المفيد من عقيدة التوحيد" ص102 مكتب دار الفكر، الرياض.
الوهابية يقولون: من فسر استوى باستولى فهو كافر. كتابهم "حلقات ممنوعة" لحسام العقاد ص26، دار الصحابة، طنطا.
الوهابية يقولون: الله استقر على العرش. كتابهم المسمى "نظرات وتعقيبات على ما في كتاب السلفية" لصالح الفوزان ص40، دار الوطن، الرياض.
قال العثيمين: الكرسي موضع قدمي الله. كتابه "تفسير ءاية الكرسي" ص19 مكتبة ابن الجوزي.
قالت الوهابية كما قالت الفلاسفة: العالم أزليّ بنوعه أي على زعمهم قبل كلّ مخلوقٍ مخلوق إلى غير أول. شرح الطحاوية لابن أبي العز (أثنى على كتابه ابن باز) ص132، المكتب الإسلامي، بيروت.
قال صالح بن فوزان وغيره من الوهابية: لا يجوز التوسل بجاه النبي كتابه "التوحيد" ص70، الرياض، السعودية.
قال صالح بن فوزان وغيره من الوهابية: يحرم تخصيص النصف من شعبان بالصلاة والصيام كتابه "التوحيد" ص101، الرياض، السعودية
يحرّم الوهابية الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وتوزيع الحلوى والطعام بهذه المناسبة العطرة ويقولون بأن هذا تشبه باليهود. كتابهم المسمى "التوحيد" لابن فوزان ص115-116 الرياض، السعودية
قال ابن فوزان أحد زعماء الوهابية: يحتفل جهلة المسلمين أو العلماء المضلين بمناسبة مولد الرسول" وقال ابن باز إن الاحتفال بمولد النبي فيه تشبيه باليهود. كتابه "التوحيد" ص115، الرياض، السعودية، انظر كتابهم المسمى "التحذير من البدع" ص5.
الوهابية يقولون يحرم الاحتفال بهذه المناسبات مع أنهم يحتفلون بانطلاقة دعوة مؤسس الوهابية محمد بن عبد الوهاب لمدة أسبوع. الكتاب المسمى "التوحيد" لابن فوزان ص120، الرياض. وكتاب "بحث أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب".
الوهابية يكفّرون المسلمين الذين ينكرون عليهم فساد عقيدتهم الباطلة كتاب "السحب الوابلة" لمفتي مكة محمد بن عبد الله الحنبلي ص39، دار ابن حزم بيروت، و"عجائب الآثار" للجبرتي (7/146).
الوهابية يقولون: التوسل بجاههم شرك يخرج من الدين ويوجب الخلود في نار جهنم. الكتاب المسمى "عقيدة المؤمن" لأبي بكر الجزائري، ص144.
*يخالفون الأجماع ...
*يخالفون الأجماع ...
قال العثيمين: زيارة القبور للنساء محرّمة من كبائر الذنوب ولو كان قبر النبيّ انظر الكتاب المسمى "فتاوى مهمة" ص149-150، طبعة الرياض.
الوهابية يقولون: الله خلق الإنسان على صورة وجهه، ويقولون: الله له صورة يقوم عليها. كتابهم المسمى "عقيدة أهل الإيمان في خلق ءادم على صورة الرحمن" لمحمود التويجري، ص40 و91، دار اللواء، الرياض، وقد أثنى ابن باز زعيم الوهابية على هذا الكتاب.
الوهابية يقولون: كلام الله بحرف وصوت، ويقولون: كلام الله قديم النوع حادث الأفراد. كتابهم المسمى "فتاوى العقيدة" للعثيمين ص72، وكتاب "نظرات وتعقيبات على ما في كتاب السلفية" للفوزان ص23، دار الوطن، الرياض.
الوهابية يقولون: الله في جهة فوق العرش بذاته كتابهم المسمى "فتاوى العقيدة" للعثيمين. ص85
الوهابية يقولون: الله يتحرك أي على زعمهم ينتقل من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى. كتابهم المسمى "فتاوى العقيدة" للعثيمين ص742.
الوهابية يحرّمون أخذ شىء من اللحية ولو شيئًا قليلاً في جميع الأوقات كما قال ابن باز زعيم الوهابية انظر كتابه المسمى "التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة والزيارة" ص16.
قال ابن باز زعيم الوهابية إن المرأة تمنع من لبس البنطلون ولو كان أمام زوجها فقط ولو كان واسعًا. مجلة الدعوة، عدد 1493هـ، عام 1995م، ص28.
قال ابن باز زعيم الوهابية بأن ذلك بدعة ضلالة يجب منعها. تعليقه على كتاب "فتح الباري (92/2) دار المعرفة بيروت.
قال بعض الوهابية بأن الصلاة على النبي جهرًا بعد الأذان بمثابة الذي ينكح أمه أي حرام من الكبائر. حصل ذلك في جامع الدقاق في دمشق كما نقل عنهم محمد الجويجاتي إمام جامع الروضة في دمشق في كتابه "الإصابة" ص8.
قال ابن باز زعيم الوهابية إن الأحاديث المروية في فضل زيارة قبر النبي مكذوبة. انظر كتابه المسمى "التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة" ص89.
قال ابن باز زعيم الوهابية إنه لا يشرع وضع الجريد على القبر. تعليقه على كتاب "فتح الباري" (1/320) دار المعرفة، بيروت.
قال ابن باز زعيم الوهابية: إن قول "صدق الله العظيم" بعد الفراغ من قراءة القرءان بدعة ضلالة أي لا يجوز. مجلة البحوث الإسلامية، تصدرها رئاسة البحوث العلمية والإفتاء، الرياض، عدد 45 عام 1416هــ وكتابهم المسمى "توجيهات إسلامية" محمد زينو ص81.
قال ابن باز زعيم الوهابية بأنه يحرم السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولو للحاج البعيد عن المدينة المنورة ذكره في كتابه المسمى "التحقيق والإيضاح لكثير من مسائل الحج والعمرة" ص88-98-90
قال محمد بن عبد الوهاب: مشايخي ما منهم رجل عرف معنى "لا إله إلا الله" رسالة محمد بن عبد الوهاب إلى أهل الرياض "تاريخ نجد" لحسين بن غنام (2/137-138).
الوهابية ينكرون على المسلمين الذين أخذوا جواز إطلاق القديم على الله من حديث النبي عليه السلام ويتهمونهم بأنهم أخذوه من الفلاسفة. تعليقات على كتابهم "الفواكه العذاب" ص52، مؤسسة الرسالة، بيروت.
الوهابية يصفون الله بصفات البشر يقولون: الله ينزل من علو إلى سفل. شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز ص286 الطبعة التاسعة عام 1988.
قال ابن باز زعيم الوهابية إنه يجب منع الرجال من تعليم البنات والنساء من تعليم الصبيان في الصفوف الابتدائية "فتاوى المرأة" ص27 دار الوطن، الرياض.
قال ابن باز زعيم الوهابية: يسن وضع اليمين على الشمال بعد الرفع من الركوع. "فتاوى المرأة" ص58 دار الوطن، الرياض.
قال زعيم الوهابية: من ترك الصلاة في جماعة لا يزوّج "فتاوى المرأة" ص103، دار الوطن، الرياض.
قال العثيمين أحد زعماء الوهابية: إن الطلاق في حالة الحيض لا يقع. "فتاوى المرأة" ص127، دار الوطن، الرياض.
قال ابن باز زعيم الوهابية: لا يجوز للمرأة قيادة السيارة. "فتاوى المرأة" ص192، دار الوطن، الرياض.
قال ابن جبرين أحد زعماء الوهابية: صوت المرأة عورة عند الرجال الأجانب. "فتاوى المرأة: ص211، دار الوطن، الرياض.
قال ابن باز زعيم الوهابية الاستغاثة بالأنبياء شرك. كتابه المسمى "العقيدة الصحيحة وما يضادها" ص22، دار الوطن، الرياض.
قال ابن باز زعيم الوهابية كذبًا وزورًا بأن الله له حدّ لا يعلمه إلا هو سبحانه. مذكور في تعليق ابن باز على "العقيدة الطحاوية" ص12، طبعة الرياض.
قال زينو: من منكرات المساجد تعدّد المآذن ذكر ذلك في كتابه المسمى "توجيهات إسلامية" ص123، طبع وزارة الشئون الإسلامية، الرياض.
قال زينو بأن الإعلان في الأوراق عن وفاة إنسان من البدع الممنوعة شرعًا وتشبّه بغير المسلمين. كتابهم المسمى "توجيهات إسلامية" ص136، طبع وزارة الشئون الإسلامية، الرياض.
الوهابية يقولون: إن ذلك حرام يعذّب فاعله في الآخرة. كتابهم المسمى "توجيهات إسلامية" ص137، طبع وزارة الشئون الإسلامية، الرياض.
الوهابية يحرّمون الاحتفال بليلة القدر. كتابهم "فتاوى مهمة لعموم الأمة" ص50، دار العاصمة، الرياض.
قال ابن باز زعيم الوهابية بأنه يحرم تعليق ءايات من القرءان أو الأدعية على الصدر. الكتاب المسمى "فتاوى مهمة" ص110ـ111 دار العاصمة، الرياض.
الوهابية يقولون: من الخطأ قول هذه الكلمات لأن في ذلك تقليدًا لليهود. كتابهم المسمى "أخطاء شائعة" لمحمد زينو، ص67، دار الصميعي، الرياض.
الوهابية يقولون: قولها كاملة خطأ وبدعة مذمومة. كتابهم المسمى "أخطاء شائعة" لمحمد زينو، ص68، دار الصميعي، الرياض.
الوهابية يقولون: من الخطأ قول ذلك في أيام العيد وغيره كتابهم المسمى "أخطاء شائعة" لمحمد زينو ص73، دار الصميعي، الرياض.
قال العثيمين أحد زعماء الوهابية: لا يجوز أن نثبت لله لسانًا ولا أن ننفيه عنه لأنه لا علم لنا بذلك. كتابه "اللقاء الشهري" رقم 3 ص47، دار الوطن، الرياض.
قال محمد العثيمين بأنه لا يجوز الاستماع إلى الأناشيد الدينية التي يستعمل فيها الدف. كتابه "اللقاء الشهري" رقم 11 ص32-33، دار الوطن، الرياض.
الوهابية يصفون أهل السنة بالمعطلة لأنهم تأولوا المتشابه الكتاب المسمى "القواعد المثلى" للعثيمين، ص45 الرياض.
قال العثيمين: السحاب مسخر بين السماء والأرض وهو لا يمس السماء والأرض. وبدر بين مكة والمدينة مع تباعد ما بينها وبينهما. فقلوب بني ءادم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن حقيقة ولا يلزم من ذلك مماسة ولا حلول. كتابه المسمى "القواعد المثلى" ص51، الرياض.
قال بعض الوهابية: إن تخصيص زيارة الأحياء للأحياء يوم العيد لكونهم ما أتيحت لهم الزيارة في أثناء السنة بدعة وكذلك زيارة الأموات، أي بدعة ضلالة أي ممنوعة شرعًا. "فتاوى الألباني" ص63 دار الجيل، بيروت.
قالت الوهابية: أهل مصر أعظم ءالهتهم أحمد البدوي. تعليق ابن باز على كتابهم "فتح المجيد" ص216، دار أولي النهى.
قالت الوهابية: أهل الشام يعبدون ابن عربي. تعليق ابن باز على كتابهم "فتح المجيد" ص217، دار أولي النهى.
قالت الوهابية: انتشر فيهم عبادة الطواغيت والأشجار والأحجار والقبور. تعليق ابن باز على كتابهم "فتح المجيد" ص217، دار أولي النهى.
قالت الوهابية: لا يجوز قول وحّدوا الله لأن ذلك يخالف الشريعة "الموت عظاته وأحكامه" لعلي عبد الحميد ص29، المكتبة الإسلامية، الأردن.
قالت الوهابية: لا يشرع حمل الجنازة على سيارة مخصصة للجنائز وتشييع المشيعين لها وهم في السيارات لأن ذلك من عادات الكفار. "الموت عظاته وأحكامه" لعلي عبد الحميد ص30 و43، المكتبة الإسلامية، الأردن.
قال ابن الفوزان: يحرم التشبه بالكفار كالكلام بلغتهم. كتابه "الولاء والبراء" ص7، الوطن للنشر، الرياض.
قال العثيمين الوهابي: يحرم على المرأة ركوب السيارة لوحدها مع سائق غير محرم لها ولو في وسط البلد. منشور "فتاوى وتوجيهات للمرأة" ص4، طبعة الرياض.
قال ابن جبرين الوهابي: يحرم على المرأة لبسها لأن في ذلك إبراز رأسها وعنقها وحجم المنكبين. منشور "فتاوى وتوجيهات للمرأة" ص4، طبعة الرياض.
قالت الوهابية: وضع الإمساك في التقويم بأن يجعل قبل صلاة الفجر بنحو 10 أو 15 دقيقة فهذا من الباطل والبدع. كتاب "ألفاظ ومفاهيم" للعثيمين ص67، دار الوطن، الرياض.
الوهابية يقولون: السبحة من البدع المذمومة التي لا يجوز استعمالها وينهون عن إظهارها كتابهم المسمى "الهدية السنية" لعبد الله بن محمد ابن عبد الوهاب ص47،
اظن ان هذا كاف ان يبين الفرق الشاسع بين الوهابية و اهل السنة و الجماعة بما فيهم الاشاعره و الماتريدية و اهل التفويض و بين اهل السنة و الجماعة لا تجد هذا التنطع في الدين و تكفير و نضليل و تفسيق المخالف كما يفعل الوهابية و لا تجد مذهبا من مذاهب اهل السنة يسعى الى نشر مذهبه كما يفعل الوهابيون ولا حول ولا قوة الا بالله