الأحد، 31 أكتوبر 2010

نقض مذهب المجسمة في الإثبات الحرفي -معنى قدم الله تعالى-

بقلم الشيخ عدنان الزهار

روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا تزال جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض فتمتلئ ".

قال الحافظ ابنُ الجوزي رحمه الله في "دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه": "الواجب علينا أن نعتقد أن ذات الله تعالى لا تتبعض ولا يحويها مكان ولا توصف بالتغير ولا بالانتقال وقد حكى أبو عبيد الهروي عن الحسن البصري أنه قال: القدم هم الذين قدمهم الله تعالى من شرار خلقه وأثبتهم لها. وقال الإمام ابن الأعرابي: القدم المتقدم. وروى أبو بكر البيهقي عن النضر بن شميل أنه قال: القدم ههنا الكفار الذين سبق في علم الله أنهم من أهل النار. وقال أبو منصور الأزهري: القدم هم الذين قدم الله بتخليدهم في النار.

فعلى هذا يكون في المعنى وجهين أحدهما: كل شيء قدمه، يقال لما قدم: قدم ولما هدم هدم ويؤيد هذا قوله في تمام الحديث "وأما الجنة فينشئ لها خلقا".

ووجه ثان: إن كل قادم عليها سمي قادما فالقدم جمع قادم، فبعض الرواة رواه بما يظنه المعنى من أن المقدم الرجل. وقد رواه الطبراني من طرق فقال: "لقدمه ورجله". قلت: وهذا دليل على تغير الرواة بما يظنونه.

على أن الرجل في اللغة: جماعة. ومن يرويه بلفظ الرجل فإنه يقول: رجل من جراد فيكون المراد يدخلها جماعة يشبهون في كثرتهم الجراد فيسرعون التهافت فيها. قال القاضي أبو يعلى المجسم: القدم صفة ذاتية. وقال ابن الزاغوني المجسم: نقول إنما وضع قدمه في النار ليخبرهم أن أصنافهم تحترق وأنا لا أحترق.
قلت: وهذا إثبات تبعيض وهو من أقبح الاعتقادات.

قلت: ورأيت أبا بكر بن خزيمة قد جمع كتابا في الصفات وبوبه فقال: باب إثبات اليد باب إمساك السموات على أصابعه. باب إثبات الرجل وإن رغمت أنوف المعتزلة ثم قال قال الله تعالى  ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها  فأعلمنا أن من لا يد له ولا رجل فهو كالأنعام.

قلت: وإني لأعجب من هذا الرجل مع علو قدره في علم النقل يقول هذا ويثبت لله ما ذمَّ الأصنام بعدمه من اليد الباطشة والرجل الماشية ويلزمه أن يثبت الأذن، ولو رزق الفهم ما تكلم بهذا ولفهم أن الله تعالى عاب الأصنام عند عابديها والمعنى لكم أيد وأرجل فكيف عبدتم ناقصا لا يد له يبطش ولا رجل يمشي بها.
قال ابن عقيل: تعالى الله أن يكون له صفة تشغل الأمكنة هذا عين التجسيم وليس الحق بذي أجزاء وأبعاض يعالج بها. ثم أليس يعمل في النار أمره وتكوينه فكيف يستعين بشيء من ذاته ويعالجها بصفة من صفاته وهو القائل  كوني بردا وسلاما .

فما أسخف هذا الاعتقاد وأبعده عن مكون الأملاك والأفلاك فقد كذبهم الله تعالى في كتابه إذ قال  لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها. فكيف يظن بالخالق أنه يردها تعالى الله عن تجاهل المجسمة.اهـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق