الثلاثاء، 26 أكتوبر 2010

رسالة من ماء الذهب


فهذه رسالة ألفها أحد أعلام الشناقطة الأشاعرة في الرد على الشيخ محمد الأمين الشنقيطي مؤلف أضواء البيان؛ ألفها في الرد على رسالته التي ألفها في الأسماء و الصفات؛ و كنت قد عثرت عليها في مكتبة الوالد في ثلاث ورقات من الحجم الكبير، فنسختها لعل الله ينفع بها من شاء.

و اعلموا يا إخوتي في الله أن الشناقطة لا يعرفون إلا الأشعرية منهجا، فنصوصهم العقدية التي يدرسونها في المحاضر كلها أشعرية، مقدمة نظم ابن عاشر، عقائد الإمام السنوسي رحمه الله، و أنظام علماء الشناقطة أنفسهم التي ألفوها لتقريب أصول الدين إلى الطلاب، كنظم الإمام المختار ول بونا، و غيره من علماء الشناقطة.
و لكن و للأسف الشديد أصبحنا نرى في من ينسب إليها من العلماء، من أصبح يرى أن التجسيم منهجا لأهل السنة، و أول من رأينا ذلك في كتبٍ منسوبةٍ إليه هو الشيخ محمد الأمين الشنقيطي صاحب أضواء البيان، و في الآونة الأخيرة محمد الحسن الددو، و من جرى على شاكلتهم.
و قد قام الوهابية بتمويل و انشاء المعاهد التابعة لجامعاتهم الحشوية في موريتانيا، مستغلين فقر الناس و حاجتهم، و كون معظم الناس هناك لا يعرفون حقيقة هؤلاء الحشوية المجسمة؛ فلا يرون فيهم إلا أنهم أهل علم و صلاح، كيف و كل ما يرونهم أئمتهم الذين يعتلون منابر الحرمين يتلون كتاب الله؛ فأسأل الله العظيم أن ييسر من أبناء شنقيط من يظهر للناس هناك سوء معتقد هؤلاء الناس.

التعريف بالمؤلف:
قال أبحيد القلقمي في كتابه أعلام الشناقطة:
أحد أئمة الدين الغيورين على الملة، ولد في منطقة تجكجة، في بلاد شنقيط سنة 1343هـ، و نشأ بها، و طلب العلم في محاضرها على عدة شيوخ؛ منهم: ابن عمه مصطفى بن سيدي أحمد، و مصطفى بن ديَّ، و مصطفى بن أمون الأبيريان؛ و تصدر في بلدته للتدريس، و الفتيا، و القضاء، و انتفع به تلاميذه و قاصدوه؛ و هو من بيت علم و صلاح، اشتهر بالكرم، و فعلا المبرات العظيمة، فجده الثاني العلامة غالي بن المختار فال، كان مقدما في العلوم، مبرزاً في فنون السيرة و العربية و الشعر؛ و شهد له بذلك معاصروه.
و كان جده الرابع الشيخ أحمد تلمود عالي الرتبة، مجليا في العلوم، فعالا للخرات.
و قد ارتحل المترجم إلى المشرق في أواخر سنة 1394هـ، فأدى مناسكه، و جاور في المدينة المنورة، متفرغا للتعليم و العبادة؛ و كان وقت درسه في المسجد النبوي الشريف يبدأ من صلاة الصبح إلى وقت الضحى، و من صلاة العصر إلى صلاة العشاء، و ما فضل من الوقت يصرفه في المطالعة و التأليف، و تأدية الحقوق الأخرى؛ كان فاضلا خيرا، محاربا للبدع، و مناوئا للدساتير الوضعية، و القوانين الخارجة عن تعاليم الإسلام الثابتة.
و توفي أثناء التدريس في روضة الجنة، قبيل الإشراق، بعدما صلى الصبح قائماً يوم 22 صفر، سنة 1414هـ؛ و دفن في بقيع الغرقد بالمدينة المنورة رحمه الله تعالى.
تآليفه: 1- إرشاد المسترشدين بإيضاح المحجة، و إلزام المعاندين بإقامة الحجة. 2- رسالة في الرد على القائل بجريان الربا في كاغد العملة. 3- فتاوي في مواضيع متعددة؛ انتهى ببعض تصرف.
قال أبحيد القلقمي: "حصلت على المعلومات السابقة –أي ترجمة الشيخ محمد محمود- في مقابلة أجريتها مع نجله الأستاذ محمد بن محمد محمود في المدينة المنورة يوم 5/6/1421هـ؛ الموافق 3/9/2000م".
كتبه:
حماد محمد الشنقيطي
محمد الأمين الشنقيطي في مسائل العقيدة
و هذا هو نص الرسالة:
الْحُكْمُ فِيمَا جَرَى بَيْنَ الشَّيْخِ مُحَمَّد الْأَمِين ابْن الطَّالِب اعْبَيْدِي، وَ الشَّيْخِ آَبَّ: لِمُحَمَّد مَحْمُود بْنِ غَالِي الْبُصَادِي:
هذه صورة حكم محمد محمود بن الشيخ بن زيدان بن غالي بن المختار فال البصادي؛ مؤلف البحوث، الشاعر؛ القائل:
أَثارَتْ مَحِيلاتُ الدِّيارِ الدّوارِسِ لقَلبي تَليداتِ الهَوى، و الهَواجِسِ
لسَلْمى عفَتْها المُزنُ حتَّى كأنَّها بَقايا زَبُورٍ في بُطونِ القَراطِسِ
في مُستهَل المُحرّمِ عامَ 1388هـ؛ لمحمّد الأمين بن عبد الله الطالب اعْبَيْدي؛ على ضدّه مؤلفِ أضواءِ البيانِ محمد الأمين "آبّ"؛ لما تنازَعا في صرف المُتشابهِ عن ظاهرِهِ؛ كما قالهُ أحمد المقريّ في الإضاءةِ:
فاصْرِفهُ عنْ ظاهِرهِ، إِجْماعَا
و في عدمِ صرفِهِ عن ظاهِرهِ كما عليهِ الوَهّابيّةُ، تبعاً لابن القيِّم و ابن تيمِيّةَ.
نصُّ الحُكمِ المَذكورِ ها هوَ:
الحمدُ للهِ المُتعالِ عن سماتِ الحُدوثِ و مضاهاتِ الأجْرامْ؛ المُنزَّهِ عماّ يُتخيَّلُ في أوهامِ المُجسِّمةِ و العَوامّْ؛ الّذِي جلّت صفاتهُ أن تُقاسَ بصفاتِ الأنامِْ؛ الّذي لم يتعبّدْنا في كتابهِ و لا في حديثِ رسولِهِ بما يُعيِي الأفهامْ.
و السّلامانِ على خيرِ ولدِ عدنانْ؛ و على آلهِ و أصحابهِ الذِينَ لم يخُوضوُا في مُتشابهِ القُرآنْ، و الأحاديثُ الّتي صحّتْ عن مُرشدِ بنِي عدنانْ.
أمّا بعدُ، فإنّي لما تصفَّحتُ كتابَ العالمِ محمد الأمين بن عبد الله بن الطالبِ اعبيدِي، المُسمّى "مرشدُ الخائضِ في مُتشابهِ القُرآن، و الأحاديثُ التي صحّتْ عن خيرِ بني عدْنانْ"؛ فإذا هو أتى فيه بالقَولِ الفصلِ؛ لصحّةِ أدلّتِهِ بالعقلِ و النّقلِ.
و قد بيّنَ فيهِ تلعثُمَ المجسّمينْ، و أبطلَ فيهِ انتِحالَ المُبطِلينْ، و ساقَ فيهِ من كلامِ الأئمَّةِ الأعلامْ، ما لم يتّفقْ لغيرِهِ في هذا المَقامْ، المرّةَ بعدَ المرَّةْ، حتّى تلاشتْ كلُّ شبهةْ، و بانتْ كلُّ دسيسَةْ.
و حقيقٌ لهذا البيانِ أن يُجعلَ نُصبَ العَيانْ، و يُنشرَ في كلِّ ميدانْ، و يُترّسُ بهِ لحَوادِثِ الزّمانْ، و يُتَحصَّنُ بهِ من جهودِ الشَّيطانْ، فالنّاسُ اليومَ ما بينَ مصدِّقٍ لوحيِهِمْ، أو خائف ٍمن غنيِّهم.
و لماّ رأيتُ تملمُل مؤلِّفهِ من خشيةِ الاعراضِ عن بُرهانِ الحقِّ فيهْ، كما هو ديدَنُ كلٍّ خرقٍ و سفيهْ، دعاهُ ذلكَ أن أسلّيهِ و أعزِّيهْ، إذ المُعرضُ عنهُ إمّا أن يكونَ جَهُولاً و حسبُهُ ما يسمَعُ النّاسَ يقولونَ، فيقولُ كفلان عالم، و فلانٍ جهول، و لا له من النّظرِ ما يُميِّزُ بهِ بينَ سقيمٍ و مُستقِيمْ، و ضَعُفَ بصرُهُ عن رؤيةِ النُّورِ، كالخُفّاشِ فصارَ يُنكرُ على من أخْبرَهُ بنورِ الشّمسِ من جمْلةِ النّاسْ.
ماَ ضَرَّ شمْسَ الضُّحَى في الأفْقِ طالِعةٌ أَنْ لا يَرَى ضَوْءَها من ليسَ ذا بصَرِ
و أمّا أن يكونَ المُعرِضُ عن الحقِّ عندَهُ من المَلكةِ ما يُميِّزُ بهِ بين الحقِّ و ضدِّهْ؛ و لكنَّهُ أعرضَ عنهُ لجُحودِهْ، الّذي هو أضرُّ بهِ من جمودِهْ، فاللهُ حسيبُهْ و يكْفيكْ، و في الحَسنَةِ ما يسليكْ، إنّ اللهَ لا يُضيعُ أجر من أحسنَ عمَلا؛ و قد قالَ تَعالى لنَبيِّهِ: ﴿قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَ لَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ﴾[الأنعام:٣٣]؛ و في هذا مقنعٌ لكَ إن صحَّتِ النيَّةُ، و إلاّ فأقولُ: يا خيبَتِي ما أضيعَ كبِدِي، و ما أخسَرَ بِضاعَتِي.
نعم؛ جواباً<2> لسُؤالِكَ: الحقُّ هو الّذي قُلتَ و رسَمْت، و لا يجُوزُ الإعراضُ عمّنْ أتى بالحقّ، و لو كانَ غير معظَّمٍ في أعيُنِ الخَلقْ.
و قد نصَّ اللهُ على قومٍ نظَروا لهذا المنزَعِ بقولهِ تعالى: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ﴾[الزخرف:٣٢].
و كذلكَ ردّ بناقدِ قدرتهِ باهرَ حكمتِهِ على الذينَ قالوا: ﴿قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ وَ نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَ لَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ﴾[البقرة:٢٤٧].
والواجبُ على عُلماءِ المُسلمينَ ذبُّ أهل الزّيغِ عمّا يزلْزِلونَ بهِ على عوامِّ المُسلمينَ عقائِدهم، و أن يُبالغُوا في الردّ على من قالَ ما أَلحَقَ النّقصَ بمعبُودِهم، تقليداً لآراءِ المُجسّمةِ و الحشوِيَّةِ، أو جُنوحاً لرِياسات، أو رشوةٍ؛ قالَ تعالى: ﴿لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهُمُ الْإِثْمَ وَ أَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾[المائدة:٦٣].
و بعدُ؛ فأقولُ –امتِثالاً لما طلبتَ من الحكمِ بينَكَ و بينَ خَصمِكَ؛ و إن كنتَ أتيتَ بما لا مَزيدَ عليهِ-: إنّ من أُعجِبَ برأْيِه، و وقفَ مع حسّه، و اغْترّ بحدَسهِ، و شمَخ بأنفهِ، فلم يقتدِ بصالحِ سلَفهِ، و لم يُذاكِر أبناءَ جنسهِ، من علماءِ ملَّتِهِ، ليُرشِدوهُ عندَ زلّتهِ، و ينبّهوهُ من غفْلتهِ؛ لا غرو أن يسْهُوَ بهِ مجَسّمٌ بتمْوِيهِهِ و زُخرِفهِ بفَلْسفَتهِ.
و لو حضَرتُ خصمكَ –يا محمّد الأمين بن عبد الله- لقُلتُ لهُ: إمّا أن تقولَ: إنّ إجراءَ آياتِ الصّفاتِ على ظَواهِرِها، إمْرارُها في القِراءةِ كما ورَدتْ بلا تعْيينِ المُرادِ منْها، مع تنزِيهِ الإلهِ عمّا تتَخيَّلهُ الأوهامُ، ممّا يستَحيلُ على اللهِ.
فإن قالَ: نعم؛ فنقولُ: هذا صحيحٌ، و حصلَ المطلوبُ من الوِفاقِ بينَنا، و هذا هو مذهبُ السّلفِ و بعضِ الخلفِ؛ و لعَمْري إنّه الأحْوطُ بجُملةِ النّاسِ...
لكنْ هذا لا يُلائمُ قولكَ: "حقِيقةً لا مَجازاً"؛ لأنّ من قالَ: "حَقِيقةً"، بيّن أن المُرادَ باللَّفظِ استِعمالهُ فيما وُضعَ لهُ لُغةً.
فالحَقيقةُ ثلاثةُ أقسامٍ:
قسمٌ مرتجَلٌ: و هُو الّذي ارتَجَلهُ أهلُ اللغةِ بلا سبَبٍ، أو بِتعليمِ اللهِ لآدَمَ عليهِ السّلامُ الأسماءَ؛ فالأسدُ اسمٌ حقِيقةً [الحيوانُ] المفتَرسُ؛ مجازٌ للرجُل الشجاعِ.
و قسمٌ وصفهُ الشارعُ: كالصّلاةِ، حقيقةً للعِبادةِ المعروفةِ.
و قسمٌ اصطِلاحيٌّ عُرفيٌّ، منقولٌ من المُرتجلِ: كقصرِ الحَقيقةِ المُرتَجلةِ على بعضِ مُسمّياتِها، كاستِعمالِ لفظِ الدّابّةِ في الفَرسِ خاصّةً في بعضِ الأنحاءِ؛ قالَ [سيدي عبد الله] في مَراقي السّعودِ، في الكَلامِ على تعريفِ الحقِيقةِ:
منها الّتي للشَّرعِ عَزوُهَا عُقلْ مرتجَلٌ منها، و مِنها مُنتَقِلْ
فقولُ القائِلِ: "رأَيتُ أسداً حَقيقَةً"، قاصرٌ لرُؤيتِهِ على الحَيوانِ المُفتَرسِ دونَ غيرهِ، بدليلِ قولهِ: "حقِيقةً"؛ لا سيما إذا أكَّد ذلكَ بقَولهِ: "لا مَجازاً".
لا سيَما إن كانَ القَائِلُ بمنعِ المَجازِ، و إذا كانتْ لفْظيةً حقِيقةً لا مجازاً، لا يمكنُ أن تحمل إلاّ على مدلُولِها اللّغويُّ غير المخاطَبِين.
و المُخاطبونَ لا يعرِفونَ لها مدْلولاً غيرَ الجارحةِ، اتّضحَ أنّها هيَ تفسيركَ و مدلُول قولِكَ.
و هذا التّفسيرُ أشنعُ ممّا عتبَ على أهل التّأويلِ؛ لأنّهم ما ذهَبوا إلاّ لتَأويلٍ سائغٍ في لغةِ العَربِ، و أحدُ مُحتَملاتِ اللّفظِ؛ بِخلافِ تفسيركَ، فمَمنُوعٌ شرعاً؛ لقولهِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الشورى:١١]؛ لاستِحالةِ المعْنى الحقيقيِّ فيه.
و ممنوعٌ لغةً أيضاً؛ لأنّ صَرفَ اللفظِ عن معناهُ الحَقِيقيِّ واجبٌ حيثُ استَحالتْ الحَقيقةُ؛ قالَ [سيدي عبد الله] في مراقي السُّعودِ:
و حَيثُما اسْتَحالَ الأصلُ ينتقِلْ إِلى المَجازِ، أوْ لأَقْربٍ حصلْ
و إذا وجبَ الحملُ على المَجازِ، فإنْ كانَ مُتحداًّ تعيَّنَ الحملُ عليهِ دونَ غيرهِ؛ و إِذا كانَ مُتعَدِّداً وجبَ الحملُ على [أقرَبِها].
مثالُ ذلكَ قولهُ تعَالى: ﴿وَ امْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ﴾[المائدة:٦]؛ فلمّا استحَالَت الحقيقةُ فيهِ الّتي هي جلدةُ الرَّأسِ، وجبَ حمْلهُ على مَسحِ الشّعرِ دونَ ا لعامّةِ؛ لأنّ الشّعرُ أقربُ إلى الحَقيقةِ الّتي هيَ جلدةُ الرَّأسِ، من العَمامةِ؛ و إذا كانَ المَجازُ مُتعدِّداً، محتَمِلاً لأمْرَيْنِ فأكْثر؛ و لا مُرجِّحَ لأحدِهما على غيرِهِ، بقِيَ الأمرُ المُرادُ مُجْمَلاً.
فمنْ فوَّضَ في المُرادِ من المُحتَمَلاتِ المَجازِيَّةِ بعد التّنزيهِ –الّذي هوَ صرفُ اللّفظِ عن معناهُ الحَقيقِيِّ الّذي يمنعهُ العَقلُ و الشّرعُ؛ إذْ لا معْنى<3> للتنْزيهِ غيرَ ذلكَ- فقد اسْتبْرأ لدِينِهِ؛ كما هو مذهبُ السّلفِ، و بعضُ الخلفِ.
و من عيّنَ احتمالاً يوهِم نقصاً في المَولى جلَّ جَلالُهُ، و اللّغةُ العَربيّةُ لا تمْنعُهُ زاعِماً تعْيينَ بلاغَتهِ القرآن لهُ استِلزاماً، مع احتِمال غيره أولى.
فمن فسّر تفسيراً برأيهِ يمنعُه العَقلُ و الشَّرعُ، و إن موَّهَ بقولِهِ: "مع تنزِيهِ الله"، و طهارةِ القلبِ؛ و هذا القولُ يُضاهِي قول القائلِ لمن يَهزَأُ بهِ: كذبتَ حاشاكَ.
و إذا تمهّدَ هذا، فقد عبتَ أيّها القائلُ –حقيقةً لا مجَازاً- على أهلِ التّأويلِ ما أنتَ آتٍ بأشنعَ منهُ، و خضتَ، و تأوّلتَ برأيِكَ ما يمنَعهُ السّلفُ، و صالحُ الخلفِ، و زدتَ على النّقلِ و تفويضِ السّلفِ تفسيركَ اللفظَ بالحَقيقةِ دونَ غيرِها، مع استِحالَتِها عقلاً و شرعاً، استسْلفتَها و تلمّحتها من مذهبِ أئمّتكَ، و خيالاتِ حسّكَ.
فإنّك لو قرأتَ الآياتِ و الأحاديثِ الواردةِ نحوَ قولهِ تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾[طه:٥]؛ و أقررْتها على ظاهِرها، و لم تزدْ تفسيرَكَ "حقيقةً لا مَجازاً"؛ لم تأتِ بما يعِيبكَ و يُشينُكَ، و لم ألُمْكَ.
بل لو عِبتَ على أهل التَّأويلِ، و لم تزِد "حقيقةً لا مَجازاً"؛ لم أَلُمكَ أيْضاً، و إن كانَ يتوجّهُ عليكَ من اللَّومِ على حجَّتِهم ما يتوجَّه على كاتِب الحجَّاجِ بن يوسف من عدَمِ معرفتِهِ سعةَ اللُّغةِ؛ لما قالَ لهُ الحجاجُ حينَ مدحَتْهُ ليْلى الأخيَليَّةُ بقولها:
إِذا دَخَل الحجَّاجُ أرْضاً مرِيضَةً؛ تتَبَّعَ أَقْصى دائِها فشَفاها
إقطعْ لسَانَها؛ فجاءَ بالمُوسيِّ ليَقطَعَ لِسانَها؛ فقالتْ لهُ: ويلكَ، إنّما قالَ لكَ أجزِل لها العَطاءَ؛ ثمّ ذهَبتْ إلى الحجّاج؛ فقالتْ له: كادَ و اللهُ يقطعُ مِقولِي؛ فغضِب عليه الحجاجُ و كادَ يقتُلهُ، لقلّةِ فهمهِ للاستِعارةِ الظّاهرةِ؛ و بهذا تعلمُ بُعْدَ تفسيركَ عن الوقفِ الأسلمِ.
و بالجُملةِ: فقِياسُ صفةِ الخالقِ على صفةِ المَخلُوقينَ هو أصلُ كلّ زلّةٍ في العَقائدِ؛ كما قالَ ابن الجَوزِيّ.
فإنّ الفَلاسفةَ لمّا رأوْا إيجادَ شيءٍ لا من شيْءٍ كالمُستحِيلِ في العادَاتِ، قالوا: بقدَمِ العالم؛ و لمّا عظُمَ في نظرِهم –أيضاً في العادةِ- الإحاطةُ بكلِّ شيءٍ، قالوا: إنّ اللهَ يعلَمُ الجُملَ لا التّفاصِيلَ؛ و لمّا رأوْا –أيضاً- تلفَ الأبدانِ بالبلى، أنكَروا إعادَتها، و قالوا: الإعادة رجوعُ الأرواحِ إلى مَعادِنها.
و المُجسّمة حملوا أوصافَه على ما يأْلَفونَ و يتعقَّلونَ، و كذلكَ تدبيرهُ، فإنّ من حملهُ على ما يعقلُ في العاداتِ رءا ما لا يقدرُ عقلهُ على تعْلِيلهِ من أفعالِهِ، فضلاً عن مطالعةِ ذاتِهِ، و من هُنا زلَّ خلقٌ كثيرٌ؛ قالَ المُعبّري عن نفسهِ:
رَءا مِنْكَ ما لا يَشتَهِي فتَزَنْدقا
و قالَ غيرُهُ:
هذا الّذي تركَ الأوهاَمَ حائِرةً وَ صيَّرَ العَالِم النِّحْرِير زِندِيقا
و قولكَ في دراساتِ آياتِ الأسماء و الصّفاتِ: إنّ النتيجةَ المنطِقيَّةَ الّتي استنتجَ منها أهلُ السّنّةِ استِحالةَ حملِ الاستِواءِ للخالِق -المتقدِّمِ بالقِدمِ، و الواجبِ لهُ تعالى عليهِ، و استِحالةِ النّزولِ- على الحقيقةِ اللّغويّةِ يصادِمُ سبعَ آياتٍ؛ فليسَ بصحيحٍ؛ لأنّ الصفةَ الّتي استَنتَجوها من تركيبِ الدليلِ، و قالوا: إنّها نقص، هي الّتي صرّحت أنت بها، بقولِكَ: "حقيقةً لا مجازاً".
فإن قلتَ: مرادِي بـ "الحقيقة" ظاهرُ اللغةِ التي تعرِفها العربُ.
قلنا: أيّ تنزيهٍ مع هذا؛ فتعالى الله عمّا يقولُ الظّالمُونَ عُلواًّ كبيرا.
و إن قلتَ: مرادِي أنّها صفاتٌ يُقالُ لها: الاستواءُ، و الضحكُ، و المرضُ، و الجوعُ؛ و معرفتها متوقفةٌ على معرفةِ كنهِ الذّاتِ، كما أجبت بذلك في كتابك المذكُورِ؛ و زعَمتَ أنّها كسائرِ الصِّفاتِ.
قلنا: بيِّنْ لنا متعلّقها، لا كنهَها الّذي يستحِيلُ إدراكُهُ كسائرِ الصّفاتِ؛ إذ العِلمُ صفةٌٌ بها ينكَشفُ المعْلومُ على ما هو عليهِ؛ و البصرُ: صفةٌ ينكَشفُ بها المَرئيُّ على ما هو عليهِ؛ و القُدرةُ: صفةٌ يتأتّى بها إيجادُ المُمكنِ.
فإن حملتَ اشتقاقَ صفةِ الاستِواءِ من الاسم الّذي قامَ بذاتِ اللهِ تعالى، بالكِتابِ، و السّنّةِ، و الإجماعِ، حصلَ مطلوبكَ<4>؛ و إلاّ فاعْلم أنّك وقعتَ في قولِ [سيدي عبد الله] العَلويِّ في مراقِيهِ:
و عندَ فقدِ الوَصفِ لا يُشتَقُّ؛ و أعوزَ المُعتَزِليَّ الحقُّ
فقد أعوزَكَ اشتِقاقُ صفةِ الاستِواءِ من الاسمِ المُستَويّ؛ لأنّه لم يأتِي في الكتابِ و لا في السنّةِ قيامُهُ بذاتِ اللهِ تعالى، و كذلكَ اشتِقاق صفةِ النّزولِ من النّازِلِ، و هلمّ جراًّ في آياتِ الصّفاتِ.
فالإشتِقاقُ لها من الأسماءِ الحُسنى؛ فلم تساوِ صفات المعانِي في كونِها فروعاً من الأسماءِ المُشتقَّةِ منها؛ و هي: الحيُّ، العليمُ، القدِيرُ، المُريدُ، السّميعُ، البصيرُ، المتكلِّمُ.
و لماّ أعوزَكَ هذا، فاعلَم أنكَ سلكتَ مذهبَ المجسِّمةِ الّذي هو أقبحُ من مذهَبِ المُعتزلةِ القائِلينَ: عالمٌ، و سميعٌ، و بصيرٌ بذاتِهِ، لا بصفاتٍ زائدةٍ.
و يلزَمُ على قولكَ صدق المعنى المُشتَقّ على ما لم يقُمْ بهِ معنى المشتَقّ من الاسمِ القائم بذاتهِ تعالى؛ و هذا ممْنوعٌ عندَ أهلِ السّنّةِ، خِلافاً للمُعتزِلةِ، و من نحا نحوَهُم من المُجسِّمةِ؛ إذْ لا يُقالُ "ضارِب"، لمن لمْ يقُم به الضَّربُ؛ قالَ [سيدي عبد الله] في مراقِي السُّعودِ:
و عِندَ فَقدِ الوَصفِ لا يُشتَقُّ و أَعْوزَ المُعتَزِليَّ الحقّ
و حيثُما ذو الاسمِ قَامَ قدْ وجَبْ و فرعُهُ إلى الحَقيقةِ انتَسبْ
لدى بقاءِ الأصلِ في العجلِ، و يا ليتَ شِعري، لم سمّيتَ منتطِّعاً من سألكَ عن حقيقةِ بيانكَ تفسيركَ لهذه الصّفاتِ، الّتي أثبتَّ لها تفسير[اً] برأيكَ؛ فهلاّ قرأتَها و تركتَ تفسيرها، لتكون [فما لك] و لا عليكَ منها، فتكونَ سلكتَ فيها مذهبَ السَّلفِ، و لم تحتَجْ إلى تكلُّف الجوابِ فيها بما لا يُجْدِي؛ لما ذكَرته آخر منهجَ دراسات آيات الاسماء و الصّفاتِ.
و قولكَ فيهِ: إنّها صفاتٌ ذكرتْ في معرضِ المدحِ"؛ لا نزاعَ فيهِ، و لا كنّها لا تكونُ صفاتَ مدحٍ و كمالٍ إلاّ على قولِ غيركَ؛ أمّا على تفسيركَ أنتَ فصفاتُ نقصٍ، تعالى اللهُ عنها، بقولهِ: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾[الإخلاص:١]؛ و قولِهِ: ﴿وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾[الإخلاص:٤]؛ و قولهِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾[الشورى:١١].
و قولكَ أيضاً في الكِتابِ المذكورِ: "لو متُّم يا إخوانِي، و أنتمْ على هذا المُعتقدِ؛ أتَرونَ أنّ اللهَ تعالى يوم القيامةِ يقولُ لكم: لمَ نزَّهْتُموني عن مُشابهةِ الخَلقِ؟ و يلومُكُم على ذلكَ؟ لا و كلاّ.."؛ إلى آخرِ دعواكَ: "أنّ مذهَبَ غيركَ هو الّذي يلزَمُ عليهِ المشابهة.."، تبرُّءاً من حجّتكَ، و مَلاذاً بحجّةِ أهلِ السّنّةِ.
و عذركَ الذي مهّدتَ لإخوانِكَ أيضاً، هي اعتِذارُ جحا لأمّه، حينَ أوصتهُ بحفظِ البابِ حذاراً على ما في الدارِ من المَتاعِ؛ فقلعَ البابَ، و بالغَ في حراستِهِ بالجلوسِ عليهِ، و تركَ الدّارَ، فجاءَ سارقٌ، و أخذ ما في الدارِ، فقالتْ لهُ أمُّهُ: أوصيتكَ بحفظِ ما في الدارِ، فقالَ لها: ما أوصَيتنِي إلا بحفظِ البابِ لا بحفظِ الدارِ، و لا بحفظِ المتاعِ!!!!
و هكذا من قصّرَ فهمَه على الظّواهرِ لا محالَة يرتَكبُ الخطأ، بوقوفِ فهمهِ على الحقيقةِ، دونَ ما يُراد بها من مَجازِها.
و أيضاً فقد رجعتَ إلى ما حسّنتهُ لإخوانكَ عقولُهم حدساً و تخميناً بلا استِنادٍ للدّليلِ.
و البُرهانُ الذي يفِيدهم العلمَ اليقِين بأنّ اللهَ لا يلُومُهم؛ قالَ في الإضاءةِ:
وَ مَا لعَقْلٍ وحْدَهُ توَصَّلْ إلى قَبيحٍ، أو لما لا يَجمُل
بل الّذي به أُمِرنا فالحسنْ و ضدُّهُ إنقادَ لقُبحٍ بالرَّسنْ
و قالَ في جمعِ الجَوامِعِ: و حكَّمتِ المُعتزلةُ العَقلَ.
فقد أثبتَّ الصِّفاتِ باستِحْسانِ عقولِ إخوانِكَ العوامِّ، فسكنَ قلبكَ إلى تقليدِ أولائكَ الإخوانِ لعقولِهِم، لا لدليلٍ من النّقل و العقلِ مهدتهُ لهُم، و هذا جهلٌ كبيرٌ من عالمٍ كبيرٍ
و أمّا كونُ الحرفِ و الصوتِ من لوازمِ الحدوثِ فمن ضرورةِ العقلِ؛ قالَ تعالى في معرَضِ الكلامِ الإنحاءِ و التّوبيخِ لبنِي إسرائيلَ حينَ عبَدوا العجْلَ، مع ظهورِ سماتِ الحُدوثِ عليهِ: ﴿وَ اتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَ لَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً﴾[الأعراف:١٤٨]؛ و "الخوارُ" الصوتُ؛ فبهذه الآيةِ يُعلمُ أنّ الجسدَ و الخوارَ من صفاتِ العجلِ الحادثِ و الدّوابِّ، لا من صفاتِ اللهِ الأحدِ المتعالِي عن الجسدِ، و الجَوارحِ، و الصوتِ، و اللونِ، و العرَضِ، و الحَركةِ، و الاِختِصاصِ بمحلٍّ.
أي فهوَ منزَّهٌ عن كلّ ما اشتملَ عليهِ عجلُ بني إسرائيلَ من التّركيبِ، و الجسمِ، و الجَسدِ، و أعراهِ، و تحيّزِه، و حلولهِ.
فإذا أضافَ لذاتِهِ شيئاً في القُرآنِ ممّا هو في هذا العجل الحادِثِ من الجسدِ، و العرضِ، و الجوارحِ، و الصّوتِ؛ وجبَ أن ننزّهَ ذاتهُ عن الاتّصافِ بأوصافِ العجلِ كلّها؛ و نُلفت أنظارنا و عُقولَنا إلى أَمْرٍ و وصفٍ يُغايرُ وصفَ<5> العجلِ الّذي ذكرهُ تعالى في القُرآنِ؛ هذا واجبٌ لازمٌ لا توقّفَ عنهُ للمُسلمِينَ.
و نقلَ أبو عبد الله السّنوسيّ: أن مذهبَ الحشوِيّةِ متركّبٌ من جهالاتٍ ثلاثٍ:
أحدُها: جهلُهم بلسان العربيّ.
قالَ سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم في نوازلِهِ: عن الإمامِ السّنوسيِّ: أنّ الجهلَ باللّسانِ العَربيِّ أصلٌ من أصولِ الكُفرِ، فلا يعرفُونَ الفرقَ بينَ مجازِهِ و حقِيقتِهِ؛ و لهذا حكَموا بظواهِرِ ما ورد من الاستِواءِ على العرشِ، و النزولِ إلى السّماءِ الدّنيا في الثّلث الأخيرِ من اللّيلِ، و كونِ القُرآن كلام اللهِ محفوظاً في الصّدورِ، مقرُوءاً بالألسنةِ، مكتوباً في المصَاحِفِ؛ و ما وردَ من نداءِ اللهِ تعالى في الآخرةِ بصوتٍ يسمعُهُ من قَربَ و من بعدَ؛ و غيرُ ذلكَ ممّا لا يُحصى.
الثانيةُ: جُمودُهم على ما سبَقَ إليهم من ظاهِرِ اللّفظِ.
و الثالثةُ: مغالطَتهم العُقولَ حذراً من تركِ الظّاهرِ.
و لا شكّ أنّ الجدَلَ باللّسانِ العربيّ، و عدمُ إتقانِ مبنى البَلاغةِ، و البيانِ، و البُعدُ من ممَارسةِ العُلومِ العقليةِ على مُقتضى التّنبيهاتِ الشّرعيّةِ.
ثمّ التّجاسرُ مع عدم ذلكَ كلّه على الخَوضِ فيما يحتاجُ إلى عُلومٍ عديدةٍ، و فكرةٍ متّقدةٍ، و تأييدٍ إلاهيٍّ؛ من غيرِ أخذٍ عن أهل العلمِ؛ و حسنُ أدبٍ في التلقِّي منهُم؛ أصلٌٌ لكلّ ضلالةٍ و كُفرٍ، و العِياذُ باللهِ.
و بالجُملةِ فاعتِقادُ الحشَويَّةِ تألّف من ضلالات ثلاثٍ: من تهوّدٍ، و تنصُّرٍ، و اعتِزالٍ؛ فهمْ مع اليهُودِ في اعتِقادِ الجِسمِ في حقّ اللهِ تعالى؛ و مع النّصارى في اعتِقادِ حلولِ الكَلامِ في الأجسامِ، و أنّه لا يفارق –مع ذلك- الإلهَ؛ و مع المعتَزلةِ في اعتِقادِ أنّ كلام اللهِ تعالى حروفٌ، و أصواتٌ؛ و هو نصُّ مذهبِ اليهودِ أيضاً؛ غير أن المُعتزلةَ لم يقولوا بقِيام الحُروفِ و الأصواتِ بهِ سُبحانهُ و تعالى لمّا تفطّنوا لحدُوثها؛ انظُر الصّفحَةَ الثّانيةَ، و انظُر أول الصفحةِ الثانيةِ من الكتابِ، [و أدركوا].
و لا تظنّن يا أخِي أنّنا ممّن يستفيدُ توحيدَ ربّهِ من تركِيباتِ أهل الكلامِ، كالنتيجةِ، و العرضِ، وا لجوهرِ، و الجُزءِ الّذي لا يتجزّأ، و نحوِ ذلكَ؛ بل بدليلِ العقلِ و محكم الشّرعِ.
فلهاتِه الأسبابِ الّتي تقدّمت حكمتُ لمحمد الأمين بن عبد الله بن الطّالب اعبيدِي الجَكَني حُكماً لازِماً بقطعِ شعبِ خصمِهِ محمد الأمين آبّ الجَكنيّ أيضاً؛ لصحّةِ ما أدلى به من الحججِ ضدّ ما أدلى به الثاّني.
فحَكمنا بتعجيزِهِ، فلا حُجّة له تُرجَى إلاّ أن يتوبَ لخلوّ دعواهُ عن برهانٍ صحيحٍ بشهادةِ الأصلينِ العقلِ و الشّرعِ؛ و كفى بالله شهيداً.
و صلى الله على سيّدنا محمد و على آلهِ، ما أفحم البُرهانُ من قد تحذلقْ، و دفع الحقّ الباطلَ فزهقْ.
و كتبهُ مستعيناً بالله من حسد يصدُّ عن جميلِ الإنصافْ، و تعصُّبٍ يحْملُ على الإعراضِ عن الحقّ و الإنحرافْ.
محمد محمود بن الشيخ بن زيدان بن غالي البصادي
عاملهم الله بعفوِهِ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق